حياة المسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حياة المسلم

يختص بالدين الاسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن   منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 19:38

[color=red][size=18] باب المسابقة

وهي جائزة في السفن ، والمزاريق ، والطيور ، وغيرها ، وعلى الأقدام ، وبكل الحيوانات أجمع المسلمين على جواز المسابقة في الجملة ، لقوله تعالى : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [الأنفال : 60] ولمسلم مرفوعاً : ألا إن القوة الرمي وعن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سابق بين الخيل المضمرة من الحفيا إلى ثنية الوداع ، وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق متفق عليه . وسابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة على قدميه رواه أحمد وأبو داود . وصارع ركانة فصرعه رواه أبو داود . وسابق سلمة بن الأكوع رجلاً من الأنصار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم . ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يرفعون حجراً ليعلموا الشديد منهم فلم ينكر عليهم .
لكن لا يجوز أخذ العوض إلا في مسابقهً الخيل ، والإبل ، والسهام لحديث أبي هريرة مرفوعاً : لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر رواه الخمسة ، ولم يذكر ابن ماجة نصل . ويتعين حمله على المسابقة بعوض جمعاً بينه وبين ما تقدم ، للإجماع على جوازها بغير عوض في غير الثلاثة ، ولأنها آلات الحرب المأمور بتعلمها ، وأحكامها ، وذكر ابن عبد البر تحريم الرهن في غير الثلاثة إجماعاً .
بشروط خمسة : الأول : تعيين المركوبين ، والراميين بالرؤية لأن القصد معرفة جوهر الدابتين ومعرفة حذق الرماة ، ولا يحصل ذلك إلا بالتعيين بالرؤية .
الثاني : اتحاد المركوبين ، أو القوسين بالنوع فلا تصح بين عربي وهجين ، ولا بين قوس عربية وفارسية ، لأن التفاوت بينهما معلوم بحكم العادة أشبها الجنسين .
الثالث : تحديد المسافة بما جرت به العادة لحديث ابن عمر السابق فلو جعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها غالباً ، وهو ما زاد على ثلاثمائة ذراع لم تصح ، لأن الغرض المقصود بالرمي يفوت بذلك . قال في الشرح : وقيل : ما رمى في أربعمائة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني .
الرابع : علم العوض وإباحته وجوز حالأً ، ومؤجلاً .
الخامس : الخروج عن شبه القمار بأن يكون العوض من واحد فإن كان من الإمام على أن من سبق فهو له جاز ، ولو من بيت المال ، لأن فيه مصلحة وحثاً على تعليم الجهاد ، ونفعاً للمسلمين ، أو كان من أحد غيرهما ، أو من أحدهما جاز ، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ، لأنه إذا جاز بذله من غيرهما فأولى أن يجوز من أحدهما . وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، سبق بين الخيل وأعطى السابق رواه أحمد .
فإن أخرجا معاً لم يجز لأنه قمار إذ لا يخلو كل منهما أن يغنم أو يغرم ، لحديث ابن مسعود مرفوعاً : الخيل ثلاثة : فرس للرحمن ، وفرس للإنسان ، وفرس للشيطان ، فأما فرس الرحمن : فالذي يربط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله ، وذكر ما شاء الله أجر . وأما فرس الشيطان : فالذي يقامر ويراهن عليه الحديث رواه أحمد . وحمل على المراهنة من الطرفين من غير محلل .
إلا بمحل لا يخرج شيئاً وبه قال ابن المسيب ، و الزهري ، وحكي عن مالك : لا أحبه . وعن جابر بن زيد أنه قيل له : إن الصحابة لا يرون به بأساً فقال : هم أعف من ذلك . قاله في الشرح .
ولا يجوز كون المحلل .
أكثر من واحد لدفع الحاجة به .
يكافئ مركوبه مركوبيهما في المسابقة .
ورميه رمييهما في المناضلة ، لحديث أبي هريرة مرفوعاً : من أدخل فرساً بين فرسين ، وهو لا يأمن أن يسبق فليس قماراً ، ومن أدخل فرساً بين فرسين ، وقد أمن أن يسبق فهو قمار رواه أبو داود . فجعله قماراً إذا أمن أن يسبق ، لأن وجوده كعدمه . واختار الشيخ تقي الدين : يجوز من غير محلل قال : وهو أولى واًقرب إلى العدل من كون السبق من أحدهما ، وأبلغ في تحصيل مقصود كل منهما ، وهو بيان عجز الآخر . انتهى .
فإن سبقا معاً أحرزا سبقيهما ولا شئ للمحلل ، لأنه لم يسبق أحدهما .
ولم يأخذا من المحلل شيئاً لئلا يكون قماراً .
وإن سبق أحدهما ، أو سبق المحلل أحرز السبقين لوجود شرطه . ويسن أن يكون لهما غرضان إذا بدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالثاني ، لفعل الصحابة رضي الله عنهم . قال إبراهيم التيمي : رأيت حذيفة يشتد بين الهدفين . وعن ابن عمر مثله ، ويروى أن الصحابة يشتدون بين الأغراض يضحك بعضهم إلى بعض فإذا جاء الليل كانوا رهباناً ، ويروى مرفوعاً : ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة ويكره للأمين ، والشهود مدح أحدهما إذا أصاب ، وعيبه إذا أخطأ لما فيه من كسر قلب صاحبه وغيظه ، وحرمه ابن عقيل .
والمسابقة جعالة لأن الجعل في نظير عمله وسبقه .
لا يؤخذ بعوضها رهن ، ولا كفيل لأنها عقد على ما لم تعلم القدرة على تسليمه ، وهو السبق ، أو الإصابة أشبه الجعل في رد الآبق .
ولكل فسخها كسائر الجعالات .
ما لم يظهر الفضل لصاحبه فإن ظهر ، فللفاضل الفسخ ، وليس للمفضول ، لئلا يفوت غرض المسابقة ، فإنه متى بان له أنه مسبوق فسخ .

كتاب العارية

وهي مستحبة بالإجماع لقوله تعالى : وتعًاونوا على البر والتقوى [المائدة : 2] وهي من البر وقال تعالى : ويمنعون الماعون [الماعون : 7] قال ابن عباس ، وابن مسعود : العواري وفسرها ابن مسعود قال : القدر والميزان والدلو قال في الشرح : وهي غير واجبة في قول الأكثر لحديث : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع .
منعقدة بكل قول أو فعل يدل عليها كأعرتك هذه الدابة ، أو اركبها ، أو استرح عليها ، ونحوه ، وكدفعه دابة لرفيقه عند تعبه ، وتغطيته بكسائه لبرده فإذا ركب الدابة ، أو استبقى الكساء كان قبولاً .
بشروط ثلاثة : كون العين منتفعاً بها مع بقائها لأن النبى صلى الله عليه وسلم استعار من أبي طلحة فرساً فركبها و استعار من صفوان بن أمية أدراعاً رواه أبو داود . وقيس عليه سائر ما ينتفع به مع بقاء عينه .
وكون النفع مباحاً لأن الإعارة لا تبيح له إلا ما أباحه الشرع فلا تصح الإعارة لغناء أو زمر ونحوه . وتصح إعادة كلب لصيد ، وفحل لضراب ، لاباحة نفعهما ، والمنهي عنه العوض عن ذلك ، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر في حق الإبل والبقر والغنم إعارة دلوها ، وإطراق فحلها .
وكون المعير أهلاً للتبرع لأنها نوع تبرع إذ هي إباحة منفعة
وللمعيرالرجوع في عاريته أي وقت شاء لأن المنافع المستقبلة لم تحصل في يد المستعير ، فجاز الرجوع فيه ، كالهبة قبل القبض .
ما لم يضر بالمستعير فإن أضر به لم يرجع ، لحديث : لا ضرر ولا ضرار .
فمن أعار سفينة لحمل ، أو أرضاً لدفن ، أو زرع لم يرجع حتى ترسي السفينة ، ويبلى الميت ، ويحصد الزرع ولا يتملك الزرع بقيمته . نص عليه ، لأن له وقتاً ينتهي إليه .
ولا أجرة له منذ رجع إلا في الزرع إذا رجع المعير قبل أوان حصده ، ولا يحصد قصيلاً فله أجرة مثل الأرض من رجوعه إلى الحصاد ، لوجوب تبقيته فيها قهراً عليه ، لأنه لم يرض بذلك بدليل رجوعه فتعين إبقاؤه بأجرته إلى الحصاد جمعاً بين الحقين .
فصل

والمستعير في استيفاء النفع كالمستأجر له أن ينتفع بنفسه ، وبمن يقوم مقامه لملكه التصرف فيها بإذن مالكها .
إلا أنه لا يعير ولا يؤجر ما استعاره لعدم ملكه منافعه بخلاف المستأجر .
إلا بإذن المالك فإن أعاره بدون إذنه فتلف عند الثاني ، فللمالك تضمين أيهما شاء ، ويستقر الضمان على الثاني ، لأنه قبضه على أنه ضامن له ، وتلف في يده فاستقر الضمان عليه ، كالغاصب من الغاصب . قاله في الكافي .
وإذا قبض المستعير العارية فهى مضمونة عليه بمثل مثلي ، وقيمة متقوم يوم تلف لأنه يوم تحقق فواتها .
فرط أو لا نص عليه ، ولو شرط نفي ضمانها ، وبه قال ابن عباس وعائشة وأبو هريرة ، وهو قول الشافعي وإسحاق ، لقوله صلى الله عليه وسلم لصفوان بن أمية : بل عارية مضمونة وروي مؤداة رواه أبو داود . فأثبت الضمان من غير تفصيل . وعن سمرة مرفوعاً على اليد ما أخذت حتى تؤديه رواه الخمسة وصححه الحاكم .
لكن لا ضمان في أربع مسائل إلا بالتفريط : 1 - فيما إذا كانت العارية وقفاً ككتب علم وسلاح لأن قبضه ليس على وجه يختص مسعتير بنفعه ، لأن تعلم العلم وتعليمه ، والغزو من المصالح العامة ، أو لكون الملك فيه لغير معين ، أو لكونه من جملة المستحقين له .
2 - وفيما إذا أعارها المستأجر لقيام المستعير مقامه في استيفاء المنفعة فحكمه حكمه في عدم الضمان .
3 - أو بليت فيما أعيرت له كثوب بلي بلبسه ونحوه ، لأن الاذن في الاستعمال تضمن الإذن في الإتلاف به ، وما أذن في إتلافه لا يضمن كالمنافع .
4 - أو أركب دابته منقطعاً لله تعالى فتلفت تحته لم يضمنها ، لأنها بيد صاحبها ، وراكبها لم ينفرد بحفظها أشبه ما لوغطى ضيفه بلحاف فتلف عليه لم يضمنه ، كرديف ربها ، وكرائض يركب الدابة لمصلحتها فتلفت تحته ، وكوكيل ربها إذا تلفت تحت يده ، لأنه لم يثبت لها حكم العارية .
ومن استعار ليرهن فالمرتهن أمين لا يضمن إلا إن تعدى ، أو فرط .
ويضمن المستعير سواء تلفت تحت يده ، أو تحت يد المرتهن ، لما تقدم .
ومن سلم لشريكه الدابة ، ولم يستعملها ، أو استعملها في مقابلة علفها بإذن شريكه ، وتلفت بلا تفريط لم يضمن قال في شرح الاقناع : وإن سلمها إليه لركوبها لمصلحته ، وقضاء حوائجه عليها فعارية .
كتاب الغصب

وهو الإستيلاء عرفاً على حق الغير عدواناً وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع : أما الكتاب فقوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [البقرة : 188] أما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام الحديث رواه مسلم . وأجمعوا على تحريمه في الجملة ، وإنما اختلفوا في فروع منه . قاله في الشرح .
ويلزم الغاصب رد ما غصبه لحديث : على اليد ما أخذت حتى ئؤديه وتقدم وحديث : لايأخذ أحدكم متاع أخيه لا لاعباً ولا جًاداً ، ومن أخذ عصا أخيه فليردها رواه أبو داود .
بنمائه أي بزيادته متصلة كانت ، أو منفصلة ، لأنها من نماء المغصوب ، وهو لمالكه فلزمه رده كالأصل .
ولو غرم رده أضعاف قيمته كمن غصب حجراً أو خشباً قيمته درهم مثلاً ، وبنى عليه ، واحتاج في إخراجه ، ورده إلى خمسة دراهم ، لما سبق .
وإن سمر بالمسامير المغصوبة .
باباً قلعها وردها ولا أثر لضرره ، لأنه حصل بتعديه .
وإن زرع الأرض فليس لربها بعد حصده إلا الأجرة لأنه انفصل عن ملكه ، كما لو غرس فيها غرساً ثم قلعه .
وقبل الحصد يخير بين تركه بأجرته ، أو تملكه بنفقته ، وهي : مثل البذر وعوض لواحقه لحديث رافع بن خديج مرفوعاً : من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ ، وله نفقته رواه أبو داود ، والترمذي ، وحسنه . قال أحمد : إنما أذهب إلى هذا الحكم استحساناً على خلاف القياس ، ولأنه أمكن الجمع بين الحقين بغير إتلاف ، فلم يجز الإتلاف .
وإن غرس أو بنى في الأرض ألزم بقلع غرسه وبنائه لقوله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق حسنه الترمذي .
حتى ولو كان الغاصب .
أحد الشريكين في الأرض .
وفعله له بغير إذن شريكه للتعدي .
فصل

وعلى الغاصب أرش نقص المغصوب بعد غصبه ، وقبل رده ، لأنه نقص عين نقصت به القيمة ، فوجب ضمانه ، كذراع من الثوب .
وأجرته مدة مقامه بيده إن كان لمثله أجرة سواء استوفى المنافع ، أو تركها ، لأنه فوت منفعته زمن غصبه ، وهي : مال يجوز أخذ العوض عنه ، كمنافع العبد . قال في الشرح : وقال أبو حنيفة : لا يضمن المنافع ، وهو الذي نصره أصحاب مالك ، واحتج بعضهم بقوله : الخراج بالضمان وهذا في البيع لا يدخل فيه الغاصب ، لأنه لا يجوز له الإنتفاع به إجماعاً . انتهى .
فإن تلف ضمن المثلي بمثله ، والمتقوم بقيمته يوم تلفه قال ابن عبد البر : كل مطعوم من مأكول أو مشروب فمجمع على أنه يجب على مهلكه مثله لا قيمته ، نص عليه ، لأن المثل أقرب إليه من القيمة . وإن لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل متفق عليه . فأمر بالتقويم في حصة الشريك ، لأنها متلفة بالعتق . قال في الشرح : وحكي عن العنبري ، يجب في كل شئ مثله ، لحديث القصعة لما كسرتها إحدى نسائه صححه الترمذي . ولنا حديث العتق . وهذا محمول على أنه جوزه بالتراضي . انتهى .
في بلد غصبه لأنه موضع الضمان بمقتضى التعدي .
ويضمن مصاغاً مباحاً من ذهب أو فضة بالأكثرمن قيمته أو وزنه ويقوم بغير جنسه ، لئلا يودي إلى الربا .
والمحرم كأواني الذهب ، والفضة ، وحلي الرجال يضمن
بوزنه من جنسه ، لأن صناعته محرمة لا قيمة لها شرعاً .
ويقبل قول الغاصب في قيمة المغصوب التالف .
وفي قدره بيمينه حديث لا بينة للمالك ، لأنه منكر ، والأصل براءته من الزائد .
ويضمن الغاصب
جنايته أي : المغصوب .
وإتلافه أي : بدل ما يتلفه .
بالأقل من الأرش أو قيمته أي : العبد كما يفديه سيده ، لتعلق ذلك برقبته ، فهي نقص فيه كسائر نقصه . وجناية المغصوب على الغاصب ، أو على ماله هدر ، لأنها لو كانت على غيره كانت مضمونة عليه ، ولا يجب له على نفسه شئ فتسقط .
وإن أطعم الغاصب ما غصبه لغير مالكه فأكله ، ولم يعلم لم يبرأ الغاصب ، لأن الظاهر أن الإنسان إنما يتصرف فيما يملك ، وقد أكله على أنه لا يضمنه ، فاستقر الضمان على الغاصب ، لتغريره . وإن علم الآكل له بغصبه استقر ضمانه عليه ، لأنه أتلف مال غيره بلا إذنه من غير تغرير ، ولمالكه تضمين الغاصب له ، لأنه حال بينه وبين ماله ، وله تضمين آكله ، لأنه قبضه من يد ضامنه ، وأتلفه بغير إذن مالكه .
حتى ولو أطعمه الغاصب
لمالكه فأكله ، ولم يعلم لم يبرأ الغاصب لأنه بالغصب أزال سلطانه ، وبالتقديم إليه لم يعد ذلك السلطان ، فإنه إباحة لا يملك بها التصرف في غير ما أذن له فيه . قال في الكافي : قيل للإمام أحمد في رجل له قبل رجل تبعة ، فأوصلها إليه على سبيل الصدقة ، ولم يعلم ، قال : كيف هذا ؟! يرى أنه هدية ويقول : هذا لك عندي . انتهى .
وإن علم الآكل حقيقة الحال استقر الضمان عليه أما المالك فلأنه أتلف ماله عالماً به ، وأما غيره ، فلأنه أتلف مال غيره بلا إذنه من غير تغرير .
ومن اشترى أرضاً فغرس ، أو بنى فيها ، فخرجت مستحقة للغير ، وقلع غرسه أو بناؤه لكونه وضع بغير حق .
رجع على البائع بجميع ما غرمه من ثمن ، وأجرة غارس ، وبان ، وثمن مؤن مستهلكة ، وأرش نقص بقلع ونحوه ، لأنه غره ببيعه ، وأوهمه أنها ملكه ، وذلك سبب بنائه وغرسه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن   منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 19:40

فصل

ومن أتلف ولو سهواً مالاً لغيره ضمنه لأنه فوته عليه ، فوجب عليه ضمانه ، كما لو غصبه ، فتلف عنده .
وإن أكره على الإتلاف لمال مضمون فأتلفه .
ضمن من أكرهه قال في القواعد : وحده لكن للمستحق مطالبة المتلف ، ويرجع به على المكره ، لأنه معذور في ذلك الفعل ، فلم يلزمه الضمان بخلاف المكره على القتل فإنه غير معذور ، فلهذا شاركه في الضمان ، وبهذا جزم القاضي في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وابن عقيل في عمد الأدلة . والوجه الثاني : عليهما الضمان كالدية . صرح به في التلخيص . انتهى .
ومن فتح قفصاً عن طائر ، أو حل قناً ، أو أسيراً ، أو حيواناً مربوطاً فذهب أو حل وكاء زق فيه مائع فاندفق ضمنه لأنه تلف بسبب فعله .
ولو بقي الحيوان أو الطائر حتى نفرهما آخر ضمن المنفر وحده ، لأن سببه أخص فاختص الضمان به ، كدافع واقع في بئر مع حافرها .
ومن أوقف دابة بطريق ، ولو واسعاً نص عليه .
أو ترك بها نحو طين ، أو خشبة ضمن ما تلف بذلك الفعل لتعديه به ، لأنه ليس له في الطريق حق ، وطبع الدابة الجناية بفمها أو رجلها فإيقافها في الطريق ، كوضع الحجر ، ونصب السكين فيه .
لكن لو كانت الدابة بطريق واسع فضربها فرفسته فلا ضمان لعدم حاجته إلى ضربها ، فهو الجاني على نفسه .
ومن اقتنى كلباً عقوراً ، أو أسود بهيماً ، أو أسداً ، أو ذئباً أو جارحاً أو هراً تأكل الطيور ، وتقلب القدور عاد
فأتلف شيئاً ضمنه لأنه متعد باقتنائه .
لا إن دخل دار ربه بلا إذنه فإنه لا يضمن ، لأن الداخل متعد بالدخول .
ومن أجج ناراً بملكه فتعدت إلى ملك غيره بتفريطه ضمن كمن أجج ناراً تسري عادة لكثرتها ، أو في ريح شديدة تحملها ، أو فرط بترك النار مؤججة ونام ونحوه ، لتعديه ، أو لتقصيره ، كما لو باشر إتلافه . قال في الكافي : وكذا إن سقى أرضه فتعدى إلى حائط غيره .
لا إن طرأت ريح فلا ضمان ، لأنه ليس من فعله ، ولا بتفريطه .
ومن اضطجع في مسجد ، أو في طريق واسع لم يضمن ما تلف به ، لأنه فعل مباح لم يتعد فيه على أحد في مكان له فيه حق . أشبه ما لو فعله بملكه .
أو وضع حجراً بطين في الطريق ، ليطأ عليه الناس لم يضمن ما تلف به ، لأنه محسن .
فصل

ولا يضمن رب بهيمة غير ضارية ما أتلفته نهاراً من الأموال والأبدان لحديث : العجماء جرحها جبار متفق عليه . يعني هدراً .
ويضمن راكب وسائق وقائد قادرعلى التصرف فيها جناية يدها ، وفمها ، ووطء رجلها ، لحديث النعمان بن بشير مرفوعاً : من وقف دابةً في سابلة من سبل المسلمين ، أو في سوق من أسواقهم ، فما وطئت بيد أو رجل فهو ضامن رواه الدارقطني . ولا يضمن ما نفحت برجلها ، لحديث أبي هريرة مرفوعاً : الرجل جبار رواه أبو داود . وخص بالنفح ، لأن المتصرف فيها يمكنه منعها من الوطء لما لا يريد دون النفح .
وإن تعدد راكب ضمن الأول ما يضمنه المنفرد ، لأنه المتصرف فيها ، والقادرعلى كفها .
أو من خلفه إن انفرد بتدبيرها لصغر الأول أو مرضه أو عماه ، لأنه المتصرف فيها .
وإن اشتركا في تدبيرها ، أو لم يكن إلا قائد وسائق اشتركا في الضمان لأن كلاً منهما لو انفرد لضمن ، فإذا اجتمعا ضمنا .
ويضمن ربها ما أتلفته ليلاً إن كان بتفريطه لحديث مالك عن الزهري ، عن حزام ابن محيصة ، أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطاً فأفسدت فيه ، فقضى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن على اًهل الحوائط حفظها بالنهار ، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها . قال ابن عبد البر : وإن كان مرسلاً فهو مشهور حدث به الأئمة الثقات ، وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول ، ولأن عادة أهل المواشي إرسالها نهاراً للرعي ، وعادة أهل الحوائط حفظها نهاراً .
وكذا مستعيرها ومستأجرها ، ومن يحفظها لأن يده عليها .
ومن قتل صائلاً عليه ، ولو آدمياً دفعاً عن نفسه ، أو ماله لم يضمنه إن لم يندفع إلا بالقتل ، لما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد رواه الخلال بإسناده . وقال الحسن : من عرض لك فى مالك فقاتلته ، فإن قتلته فإلى النار ، وإن قتلك فشهيد ، ولأنه لو لم يدفعه لاستولى قطاع الطريق علىأموال الناس ، واستولى الظلمة والفساق على أنفس أهل الدين وأموالهم . قاله في الكافي . وقال في الشرح فإن كانت بهيمة ، ولم يمكنه دفعها إلا بقتلها جاز له قتلها إجماعاً ، ولا يضمنها .
أو أتلف مزماراً ، أو آلة لهو لم يضمنه ، لأنه لا يحل بيعه . أشبه الكلب والميتة .
أو كسر إناء فضة ، أو ذهب لم يضمنه ، لأن اتخاذه محرم .
أو كسر إناءً
فيه خمر مأمور بإراقتها وهي : ما عدا خمر الخلال ، والذمي المستترة لم يضمن ، لما روى أحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمره أن يأخذ مدية ، ثم خرج إلى أسواق المدينة ، وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام ، فشققت بحضرته ، وأمر أصحابه بذلك .
أو كسر حلياً محرماً لم يضمنه لإزالته محرماً ، وإن أتلفه ضمنه بوزنه كما تقدم .
أو أتلف
آلة سحر أو آلة
تعزيم أو آلة
تنجيم أو صور خيال لم يضمن لحديث أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي رضي الله عنه : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته رواه مسلم .
أو أتلف كتباً مبتدعة مضلة ، أو أتلف كتاباً فيه أحاديث رديئة لم يضمن في الجميع لأنه يحرم بيعه لا لحرمته . أشبه الكلب ، والميتة . قال في الفنون : يجوز إعدام الآية من كتب المبتدعة ، لأجل ما فيه ، وإهانة لما وضعت له . وقال في الهدي : يجوز تحريق أماكن المعاصي ، وهدمها كما حرق النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار وأمر بهدمه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن   منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 19:43

باب الشفعة

وهي ثابتة بالسنة ، والإجماع . أما السنة فحديث جابر مرفوعاً : قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم الحديث . متفق عليه . وقال ابن المنذر : أجمعوا على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط .
لا شفعة لكافر على مسلم نص عليه ، لحديث أنس أن النبي قال : لا شفعة لنصراني ، رواه الدارقطني في كتاب العلل .
وتثبت للشريك فيما انتقل عنه ملك شريكه بشروط خمسة : الأول : كونه مبيعاً صريحأً ، أو ما في معناه كصلح عن إقرار بمال ، أو عن جناية توجبه ، وهبة بعوض معلوم ، لأنه بيع في الحقيقة ، لحديث جابر هو أحق به بالثمن رواه الجوزجاني .
فلا شفعة فيما انتقل عنه ملكه بغير بيع كموهوب بغير عوض ، وموصى به ، وموروث في قول عامة أهل العلم ، قاله في الشرح ، لأنه مملوك بغير مال ، ولأن الخبر ورد في البيع ، وهذه ليست في معناه ، ويحرم التحيل لإسقاطها . قال أحمد : لا يجوز شئ من الحيل في إبطالها ، ولا إبطال حق مسلم ، وعن أبي هريرة مرفوعاً : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل .
الثاني : كونه مشاعاً من عقار لحديث جابر مرفوعاً : الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة رواه الشافعي . وعنه أيضاً إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق فلا شفعة رواه أبو داود .
فلا شفعة للجار لما تقدم ، وبه قال عثمان ، و ابن المسيب ، ومالك ، والشافعي ، وحديث أبي رافع مرفوعاً : الجار أحق بصقبه رواه البخاري وأبو داود . قال في القاموس : أحق بصقبه أي : بما يليه ويقرب منه . أجيب عنه بأنه أبهم الحق ، ولم يصرح به ، أو أنه محمول على أنه أحق بالفناء الذي بينه وبين الجار ممن ليس بجار ، أويكون مرتفقاً به . وحديث الحسن عن سمرة مرفوعاً : جار الدار أحق بالدار صححه الترمذي . أجيب عنه باختلاف أهل الحديث في لقاء الحسن لسمرة ، ولو سلم لكان عنه الجوابان المذكوران ، أو أنه أريد بالجار في الأحاديث الشريك فإنه جار أيضاً ، والشريك أقرب من اللصيق ، كما أطلق على الزوجة لقربها . قال ابن القيم في الإعلام : والصواب أنه إن كان بين الجارين حق مشترك من طريق أو ماء ثبتت الشفعة ، وإلا فلا . نص عليه أحمد في رواية أبي طالب ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، واختاره الشيخ تقي الدين . وحديث جابر الذي أنكره من أنكره على عبد الملك صريح فيه ، فإنه قال : الجار أحق بصقبه ينتظر به وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً انتهى بمعناه .
ولا فيما ليس بعقار ، كشجر وبناء مفرد وحيوان وجوهر وسيف ونحوها ، لأنه لا يبقى على الدوام ، ولا يدوم ضرره بخلاف الأرض .
و يؤخذ الغرس والبناء تبعاً للأرض لا نعلم فيه خلافاً . قاله في المغني ، لحديث جابر : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أوحائط الحديث ، رواه مسلم .
الثالث : طلب الشفعة ساعة يعلم فإن أخر الطلب لغير عذر سقطت نص عليه . قال : الشفعة بالمواثبة ساعة يعلم ، لحديث ابن عمر مرفوعاً : الشفعة كحل العقال رواه ابن ماجة . وفي لفظ : الشفعة كنشط العقال إن قيدت ثبتت ، وإن تركت فاللوم على من تركها ولأن إثباتها على التراخي يضر بالمشتري ، لكونه لا يستقر ملكه على المبيع . ولا يتصرف فيه بعمارة خوفاً من أخذه بالشفعة ، وضياع عمله .
والجهل بالحكم عذر إذا أخر الطلب جهلاً بأن التأخير يسقط الشفعة - ومثله يجهله - لم تسقط ، لأن الجهل مما يعذر به أشبه ما لو تركها ، لعدم علمه بها .
الرابع : أخذ جميع المبيع دفعاً لضرر المشتري بتبعيض الصفقة في حقه بأخذ بعض المبيع مع أن الشفعة على خلاف الأصل دفعاً لضرر الشركة ، والضرر لا يزال بالضرر .
فإن طلب أخذ البعض مع بقاء الكل سقطت شفعته لما تقدم .
والشفعة بين الشفعاء على قدر أملاكهم لأنها حق يستفاد بسبب الملك ، فكانت على قدر الأملاك ، وإن تركها بعضهم فليس للباقي إلا أخذ الجميع ، حكاه ابن المنذر إجماعاً . وإن كان المشتري شريكاً فهي بينه وبين الآخر ، لأنهما تساويا في الشركة ، فتساويا فى الشفعة ، وبه قال الشافعي . وحكي عن الحسن ، و الشعبي : لا شفعة للآخر ، لأنها لدفع ضرر الداخل . قاله في الشرح .
الخامس : سبق ملك الشفيع لرقبة العقار بأن كان مالكاً لجزء منه قبل البيع ، لأن الشفعة ثبتت لدفع الضرر عن الشريك ، فإذا لم يكن له ملك سابق فلا ضرر عليه .
فلا شفعة لأحد اثنين اشتريا عقاراً معاً إذ لا سبق .
وتصرف المشتري بعد أخذ الشفيع بالشفعة باطل لانتقال الملك للشفيع بالطلب .
وقبله صحيح لأنه ملكه ، وثبوت حق التملك للشفيع لا يمنع من تصرفه ، فإن باعه فللشفيع أخذه بأحد البيعين ، وإن وهبه أو وقفه ، أو تصدق به ، أو جعله صداقاً ونحوه فلا شفعة ، لأن فيه إضراراً بالمأخوذ منه إذاً ، لأن ملكه يزول عنه بغير عوض ، والضرر لا يزال بالضرر .
ويلزم الشفيع أن يدفع للمشتري الثمن الذي وقع عليه العقد لحديث جابر مرفوعاً : هو أحق به بالثمن رواه الجوزجاني في المترجم .
فإن كان فمثله كدراهم ، ودنانير ، وحبوب ، وأدهان من جنسه ، لأنه مثله من طريق الصورة والقيمة فهو أولى به مما سواه .
أو متقوماً كحيوان وثياب ونحوها
فقيمته لأنها بدله في الإتلاف ، وتعتبر وقت الشراء ، لأنه وقت استحقاق الأخذ سواء زادت أو نقصت بعده .
فإن جهل الثمن أي : قدره ، كصبرة تلفت ، أواختلطت بما لا تتميز منه .
ولا حيلة سقطت الشفعة لأنها لا تستحق بغير بدل ، ولايمكن أن يدفع إليه ما لا يدعيه .
وكذا تسقط الشفعة
إن عجز الشفيع ، ولو عن بعض الثمن ، وانتظر ثلاثة أيام ولم يأت به لأنه قد يكون معه نقد فيمهل بقدر ما يعده ، والثلاث يمكن الإعداد فيها غالباً ، فإذا لم يأت به فيها ثبت عجزه . نص عليه .
باب الوديعة

الأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع . قال تعالى : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها [النساء : 58] وقال تعالى : فليؤد الذي اؤتمن أمانته [ البقرة : 283] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أد الأمانة إلى من ائتمنك . . الحديث ، رواه أبو داود ، والترمذي ، وحسنه . وأجمعوا على جواز الإيداع والإستيداع . قاله في الشرح . وقبولها مستحب لمن يعلم من نفسه الأمانة ، لما فيه من قضاء حاجة المسلم ومعونته .
يشترط لصحتها كونها من جائز التصرف لمثله لأنها نوع من الوكالة .
فلو أودع ماله لصغير ، أو مجنون ، أو سفيه فأتلفه فلا ضمان لتفريطه بدفعه إلى أحدهم .
وإن أودعه أحدهم صار ضامناً لتعديه بأخذه ، لأنه أخذ ماله من غير إذن شرعي فضمنه كما لو غصبه .
ولا يبرأ إلا برده لوليه في ماله كدينه الذي عليه ، فإن خاف هلاكه معه إن تركه فأخذه لم يضمنه ، لقصده به التخلص من الهلاك فالحظ فيه لمالكه .
ويلزم المودع حفظ الوديعة في حرز مثلها عرفاً ، لأن الله تعالى أمر بأدائها ، ولا يمكن أداؤها بدون حفظها ، ولأن المقصود من الإيداع الحفظ ، والإستيداع التزام ذلك ، فإذا لم يحفظها لم يفعل ما التزمه .
بنفسه أو بمن يقوم مقامه كزوجته وعبده وخازنه الذي يحفظ ماله عادة ، فإن دفعها إلى أحدهم فتلفت لم يضمن ، لأنه مأذون فيه عادة ، أشبه ما لو سلم الماشية إلى الراعي .
وإن دفعها لعذر كمن حضره الموت ، أو أراد سفراً وليس أحفظ لها
إلى أجنبي ثقة ، أو إلى حاكم فتلفت
لم يضمن لأنه لم يتعد ، ولم يفرط .
وإن نهاه مالكها عن إخراجها من الحرز ، فأخرجها لطروء شئ ، الغالب منه الهلاك كحريق ونهب فتلفت
لم يضمن لتعيين نقلها ، لأن في تركها تضييعاً لها .
وإن تركها ولم يخرجها مع طروء ما الغالب معه الهلاك فتلفت ضمن لتفريطه .
أو أخرجها لغير خوف فتلفت
ضمن سواء أخرجها إلى مثله ، أو أحرز منه لمخالفة ربها بلا حاجة ،
وإن قال له ربها :
لا تخرجها ولو خفت عليها فحصل خوف وأخرجها أو لا فتلقت .
لم يضمن لأنه إن تركها فهو ممتثل أمر صاحبها لنهيه عن إخراجها مع الخوف ، كما لو أمره بإتلافها . وإن أخرجها فقد زاده خيراً وحفظاً كما لو قال له : أتلفها ، فلم يتلفها .
وإن ألقاها عند هجوم ناهب ونحوه إخفاء لها لم يضمن لأن هذا عادة الناس في حفظ أموالهم .
وإن لم يعلف البهيمة حتى ماتت جوعاً أو عطشاً
ضمنها لأن علفها وسقيها من كمال الحفظ الذي التزمه بالإستيداع ، إذ الحيوان لا يبقى عادة بدونها .
فصل

وإن أراد المودع السفر رد الوديعة إلى مالكها أو إلى من يحفظ ماله أي : مال مالكها .
عادة كزوجته وعبده لأن فيه تخلصاً له من دركها وإيصالاً للحق إلى مستحقه ، فإن دفعها إلى حاكم إذاً ضمن ، لأنه لا ولاية له على رشيد حاضر .
فإن تعذر بأن لم يجد مالكها ولا وكيله ولا من يحفظ ماله عادة .
ولم يخف عليها معه في السفر لم ينهه مالكها عنه .
سافر بها ولا ضمان لأنه موضع حاجة ، ولأن القصد الحفظ وهو موجود هنا .
وإن خاف عليها دفعها للحاكم لقيامه مقام صاحبها عند غيبته ، ولأن في السفر بها غرراً ومخاطرة ، لأنه عرضة للنهب وغيره ، لحديث : إن المسافر وماله لعلى قلت ، إلا ما وقى الله أي : على هلاك .
فإن تعذر دفعها للحاكم .
فلثقة كمن حضره الموت لأن كلاً من السفر والموت سبب لخروج الوديعة عن يده . وروي أنه صلى الله عليه وسلم ، كان عنده ودائع ، فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن ، وأمر علياً أن يردها إلى أهلها .
ولا يضمن مسافر أودع وديعة في سفر .
فسافر بها فتلفت بالسفر لأن إيداعه في هذه الحال يقتضي الإذن في السفر بها .
وإن تعدى المودع في الوديعة ، بأن ركبها لا لسقيها أو لبسها إن كانت ثًياباً .
لا لخوف من عث ، أو أخرج الدراهم لينفقها ، أو لينظر إليها ، ثم ردها أو حل كيسها فقط حرم عليه وصار ضامناً لهتكه الحرز بتعديه .
ووجب عليه ردها فوراً لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي .
ولا تعود أمانة بغير عقد جديد كأن ردها إلى صاحبها ، ثم ردها صاحبها إليه ، لأن هذا وديعة ثانية .
وصح قول مالك .
كلما خنت ، ثم عدت إلى الأمانة فأنت أمين لصحة تعليق الإيداع على الشرط كالوكالة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن   منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 19:46

فصل

والمودع أمين لا يضمن ، إلا إن تعدى أو فرط أو خان لأن الله تعالى سماها أمانة ، والضمان ينافي الأمانة ، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً : من أودع وديعةً فلا ضمان عليه رواه ابن ماجة . ولئلا يمتنع الناس من الدخول فيها مع مسيس الحاجة إليها . وعنه إن ذهبت من بين ماله ضمنها ، لأن عمر ، رضي الله عنه ، ضمن أنساً وديعة ذهبت من بين ماله . قال في الشرح : والأول أصح ، وكلام عمر محمول على التفريط .
ويقبل قوله بيمينه في عدم ذلك لأنه أمين ، والأصل براءته .
وفي أنها تلفت لتعذر إقامة البينة عليه . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه أن المودع إذا أحرزها ، ثم ذكر أنها ضاعت ، أن القول قوله . وقال أكثرهم : مع يمينه ، ذكره في الشرح .
أو أنك أذنت لي في دفعها لفلان وفعلت أي : دفعتها له مع إنكار مالكها الإذن . نص عليه ، لأنه ادعى رداً يبرأ به ، أشبه ما لو ادعى الرد إلى مالكها .
وإن ادعى الرد بعد مطله بلا عذر أو بعد منعه منها لم يقبل إلا بينة لأنه صار كالغاصب .
أو ادعى ورثته الرد منهم ، أو من مورثهم .
لم يقبل إلا ببينه لأنهم غير مؤتمنين عليها من قبل مالكها .
وكذا كل أمين كوكيل وشريك ونحوهما .
وحيث أخر ردها بعد طلب بلا عذر ، ولم يكن لحملها مؤنة ضمن ما تلف منها ، لأنه فعل محرماً بإمساكه ملك غيره بلا إذنه ، أشبه الغاصب . ويمهل لأكل ونوم وهضم طعام بقدره .
وإن أكره على دفعها لغير ربها لم يضمن كما لو أخذها منه قهراً ، لأن الإكراه عذر يبيح له دفعها .
وإن قال له : عندي ألف وديعة ، ثم قال : قبضها ، أو تلفت قبل ذلك ، أو ظننتها باقية ، ثم علمت تلفها صدق بيمينه ولا ضمان لأنها إذا ثبتت الوديعة ثبتت أحكامها .
وإن قال : قبضت منه ألفاً وديعة فتلفت فقال المقر له بل قبضتها مني
غصباً ، أو عارية ضمن ما أقر به ، وقبل قول المقر له بيمينه ، لأن الأصل في قبض مال الغير الضمان . وإذا مات ، وثبت أن عنده وديعة لم توجد فهي دين عليه . وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة . قاله في الشرح . ويعمل بخطه على كيس ونحوه أن هذا وديعة لفلان . نص عليه .
باب إحياء الموات

وهي : الأرض الخراب الدارسة التي لم يجر عليها ملك لأحد ، ولم يوجد فيها أثر عمارة فتملك بالإحياء . قال في المغني : بغير خلاف نعلمه بين القائلين بالإحياء .
أو وجد فيها أثر ملك أو عمارة ، كالخرب التي ذهبت أنهارها ، واندرست آثارها ، ولم يعلم لها مالك كآثار الروم ومساكن ثمود ، ملكت بالإحياء ، لأنها في دار الإسلام ، فتملك كاللقطة . وروى سعيد في سننه عن طاوس مرفوعاً : عادي الأرض لله ورسوله ، ثم هي لكم بعد ورواه أبو عبيد في الأموال ، وقال : عادي الأرض التي بها مساكن في آباد الدهر فانقرضوا . نسبهم إلى عاد لأنهم مع تقدمهم ذوو قوة وآثار كثيرة ، فنسب كل أثر قديم إليهم .
فمن أحيا شيئاً من ذلك ولو كان ذمياً ملكه لعموم الخبر ، ولأنه من أهل دار الإسلام ، فملك بالإحياء كتملكه مباحاتها من حشيش وحطب وغيرهما .
أو بلا إذن الإمام ملكه كأخذ المباح ، لحديث جابر مرفوعاً : من أحيا أرضاً ميتة فهي له صححه الترمذي . وعن سعيد بن زيد مرفوعاً : من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق حسنه الترمذي .
وروى مالك وأبو داود عن عائشة مثله . قال ابن عبد البر : وهو سند صحيح متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم . قال في المغني : وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء ، وإن اختلفوا في شروطه ، ويملكه محييه .
بما فيه من معدن جامد كذهب وفضة وحديد وكحل لأنه من أجزاء الأرض ، فتبعها في الملك كما لو اشتراها ، بخلاف الركاز ، لأنه مودع فيها للنقل وليس من أجزائها . وهذا في المعدن الظاهر ، إذا ظهر بإظهاره وحفره ، وأما ما كان ظاهراً فيها قبل إحيائها فلا يملك ، لأنه قطع لنفع كان واصلاً للمسلمين ، بخلاف ما ظهر بإظهاره فلم يقطع عنهم شيئاً .
ولا خراج عليه إلا إن كان ذمياً فعليه خراج ما أحيا من موات عنوة ، لأنها للمسلمين ، فلا تقر في يد غيرهم بدون خراج . وأما غير العنوة كأرض الصلح ، وما أسلم أهله عليه ، فالذمي فيه كالمسلم .
لا ما فيه من معدن جار : كنفط وقار وما نبت فيه من كلأ أو شجر ، لحديث : الناس شركاء فى ثلاث : في الماء والكلإ والنار رواه الخلال وابن ماجة من حديث ابن عباس ، وزاد فيه : وثمنه حرام ولأنها ليست من أجزاء الأرض ، فلم تملك بملكها كالكنز ولكنه أحق به ، لحديث : من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو له رواه أبو داود .
وفي لفظ فهو أحق به .
ومن حفر بئراً بالسابلة ، ليرتفق بها كالسفارة لشربهم ودوابهم ، فهم أحق بمائها ما أقاموا عليها ولا يملكونها ، لجزمهم بانتقالهم عنها ، وتركها لمن ينزل منزلتهم بخلاف التملك .
وبعد رحيلهم تكون سبيلاً للمسلمين لعدم أولوية أحد من غير الحافرين على غيره .
فإن عادوا كانوا أحق بها من غيرهم ، لأنهم إنما حفروها لأنفسهم ومن عادتهم الرحيل والرجوع فلا تزول أحقيتهم به .
فصل

ويحصل إحياء الأرض الموات إما بحائط منيع نص عليه ، لحديث جابر مرفوعاً : من أحاط حائطاً على أرض فهي له رواه أحمد وأبو داود . وعن سمرة مرفوعاً مثله .
أو إجراء ماء لا تزرع إلا به لأن نفع الأرض بذلك أكثر من الحائط ، وكذا حبس ماء لا تزرع معه ، كأرض البطائح التي يفسدها غرقها بالماء لكثرته فإحياؤها بسده عنها بحيث يمكن زرعها ، فيدخل في عموم الإحياء المذكور في الحديث .
أو غرس شجر لأنه يراد للبقاء كبناء الحائط .
أو حفر بئر فيها فيصل إلى مائه ، أو حفر نهر . نص عليه .
فإن تحجر مواتاً ، بأن أدار حوله أحجاراً أو تراباً أو شوكاً أو حائطاً غير منيع لم يملكه ، لأن المسافر قد ينزل منزلاً ويحوط على رحله بنحو ذلك .
أو حفر بئراً لم يصل ماؤها لم يملكها . نص عليه .
أوسقى شجراً مباحاً ، كزيتون ونحوه ، أو أصلحه ولم يركبه أي : يطعمه .
لم يملكه قبل إحيائه لأن الموات إنما يملك بالإحياء ولم يوجد .
لكنه أي : من تحجر الموات ، أو حفر البئر ولم يصل ماؤها ، أو سقى الشجر المباح ولم يركبه .
أحق به من غيره لقوله صلى الله عليه وسلم من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به رواه أبو داود .
ووارثه بعده أحق به ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من ترك حقاً أو مالاً فهو لورثته لأنه حق للمورث ، فقام فيه وارثه مقامه كسائر حقوقه .
فإن أعطاه أحد كان له لأن صاحب الحق آثره به وأقامه مقامه فيه .
ومن سبق إلى مباح فهو له ، كصيد وعنبر ولؤلؤ ومرجان وحطب وثمر ومنبوذ رغبة عنه كالنثار في الأعراس ونحوها ، وما يتركه حصاد ونحوه من زرع وثمر رغبة عنه ، للحديث السابق . فإن سبق إليه اثنان قسم بينهما ، لاستوائهما في السبب .
والملك مقصور فيه على القدر المأخوذ فلا يملك مالاً يحوزه ولا يمنع غيره منه .
باب الجعالة

وهي جعل مال معلوم لمن يعمل له عملاً مباحاً ولو مجهولاً كقوله : من رد لقطتي أو بنى لي هذا الحائط أو أذن بهذا المسجد شهراً فله كذا قال في الشرح : ولا نعلم فيه مخالفاً لقوله ولمن جاء به حمل بعير [ يوسف : 72] وحديث أبي سعيد في رقية اللديغ على قطيع من الغنم متفق عليه انتهى . ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك في رد الضالة ونحوها . ولا تجوز الإجارة عليه للجهالة ، فدعت الحاجة إلى العوض مع جهالة العمل .
فمن فعل العمل بعد أن بلغه الجعل استحقه كله لما تقدم ، لاستقراره بتمام العمل ، كالربح في المضاربة .
وإن بلغه في أثناء العمل استحق حصة تمامه لأن عمله قبل بلوغه غير مأذون فيه ، فلا يستحق عنه عوضاً لتبرعه به .
وبعد فراغ العمل لم يستحق شيئاً لذلك .
وإن فسخ الجاعل قبل تمام العمل لزمه للعامل
أجرة المثل لما عمل ، لأنه عمل بعوض لم يسلم له ، ولا شئ لما يعمله بعد الفسخ ، لأنه غير مأذون فيه .
وإن فسخ العامل قبل تمام العمل .
فلا شئ له لأنه أسقط حق نفسه حيث لم يأت بما شرط عليه .
وإن زاد جاعل في جعل ، أو نقص منه قبل شروع في عمل جاز وعمل به لأنه عقد جائز كالمضاربة .
ومن عمل لغيره عملاً بإذنه من غير أجرة أو جعالة فله أجرة مثله لدلالة العرف على ذلك .
وبغير إذنه فلا شئ له لا نعلم فيه خلافاً . قاله في الشرح . لأنه متبرع حيث بذل منفعته من غير عوض ، فلم يستحقه . ولئلا يلزم الإنسان ما لم يلتزمه ولم تطب به نفسه .
إلا في مسألتين . الأولى : أن يخلص متاع غيره من مهلكه كغرق وفم سبع وفلاة يظن هلاكه في تركه .
فله أجرة مثله لأنه يخشى هلاكه وتلفه على مالكه ، وفيه حث وترغيب في إنقاذ الأموال من الهلكة .
الثانية : أن يرد رقيقاً آبقاً لسيده فله ما قدره الشارع وهو دينار أو اثنا عشر درهماً لقول ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار : إن النبي صلى الله عليه وسلم ، جعل رد الآبق إذا جاء به خارجاً من الحرم ديناراً ولأن ذلك يروى عن عمر وعلي ، رضي الله عنهما ، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة . وسواء كان يساويها أو لا . قال في الكافي : ولأن في ذلك حثاً على رد الأباق ، وصيانة عن الرجوع إلى دار الحرب وردتهم عن دينهم ، فينبغي أن يكون مشروعاً . انتهى . ونقل ابن منصور : سئل أحمد عن الآبق ، فقال : لا أدري ، قد تكلم الناس فيه ، لم يكن عنده فيه حديث صحيح . وعنه : إن رده من خارج المصر فله أربعون درهماً ، وإن رده من المصر فله دينار ، لأنه يروى عن ابن مسعود ، رضي الله عنه .
باب اللقطة

وهي ثلاثة أقسام
أحدها : ما لا تتبعه همة أوساط الناس ، كسوط ورغيف ونحوهما ، فهذا يملك بالالتقاط ولا يلزم تعريفه لحديث جابر قال : رخص رسول الله صلىالله عليه وسلم ، فى العصا والسوط والحبل يلتقطه الرجل ينتفع به رواه أبو داود . وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق ، فقال : لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها أخرجاه . وفيه إباحة المحقرات في الحال . قاله في المنتقى . وقال في الشرح : ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والإنتفاع به . انتهى . وعن سلمى بنت كعب قالت : وجدت خاتماً من ذهب في طريق مكة ، فسألت عائشة ، فقالت : تمتعي به . ورخص النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحبل في حديث جابر وقد تكون قيمته دراهم ، وليس عن أحمد تحديد اليسير . وقال : ما كان مثل التمرة والكسرة والخرقة وما لا خطر له فلا بأس .
لكن إن وجد ربه دفعه إن كان باقياً لربه لأنه عين ماله ، كما في الإقناع .
وإلا لم يلزمه شئ أي : لم يضمنه ، لأنه ملكه بأخذه . والذي رخص النبي صلى الله عليه وسلم ، في التقاطه لم يذكر فيه ضماناً ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
ومن ترك دابته ترك إياس بمهلكة أو فلاة ، لانقطاعها ، أو لعجزه عن علفها ملكها آخذها لحديث الشعبي مرفوعاً : من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له قال عبد الله بن محمد بن حميد بن عبد الرحمن فقلت - يعني للشعبي - : من حدثك بهذا ؟ قال : غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والدارقطني ، ولأن فيه إنقاذاً للحيوان من الهلاك مع ترك صاحبها لها رغبة عنها .
وكذا ما يلقى في البحر خوفاً من الغرق فيملكه آخذه لإلقاء صاحبه له اختياراً فيما يتلف بتركه فيه ، أشبه ما لو ألقاه رغبة عنه .
الثاني : الضوال اسم للحيوان خاصة ، ويقال لها : الهوامي ، والهوافي ، والهوامل .
التي تمتنع من صغار السباع : كالإبل والبقر والخيل والبغال والحمير أي : الأهلية . قال في الشرح و الكافي : والأولى إلحاقها بالشاة ، لأنه علل أخذ الشاة بخشية الذئب ، والحمر مثلها في ذلك ، وعلل المنع من الإبل بقوتها على ورود الماء وصبرها ، والحمر بخلافها . انتهى بمعناه .
والظباء التي تمتنع بسرعة عدوها .
فيحرم التقاطها لأن جريراً أمر بالبقرة فطردت حتى توارت ، ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا يؤوي الضالة إلا ضال رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة . وعن زيد بن خالد قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن لقطة الذهب والورق فقال : اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإذا جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه . وسأله عن ضالة الإبل . فقال : ما لك ولها ؟ دعها ، فإن معها حذاءها ، وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها . وسأله عن الشاة ، فقال : خذها ، فإنما هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب متفق عليه .
وتضمن كالغصب للتعدي ، ولا تملك بالتعريف ، لعدم إذن المالك والشارع فيه ، أشبه الغاصب .
ولا يزول الضمان إلا بدفعها للإمام أو نائبه لأن له نظراً في حفظ مال الغائب .
أو بردها إلى مكانها بإذنه أي : الإمام ، أو نائبه ، لقول عمر لرجل وجد بعيراً : أرسله حيث وجدته رواه الأثرم .
ومن كتم شيئاً منها لزمه قيمته مرتين لربه . نص عليه ، لحديث : في الضالة المكتومة غرامتها ، ومثلها معها قال أبو بكر في التنبيه : وهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يرد .
وإن تبع شئ منها دوابه فطرده ، أو دخل داره . فأخرجه لم يضمنه حيث لم يأخذه لحديث جرير السابق .
الثالث : كالذهب والفضة والمتاع ، وما لا يمتنع من صغار السباع ، كالغنم والفصلان والعجاجيل والأوز والدجاج ، فهذه يجوز التقاطها لمن وثق من نفسه الأمانة والقدرة على تعريفها لحديث زيد بن خالد في النقدين والشاة وقيس عليه الباقي ، لأنه في معناه .
والأفضل مع ذلك تركها قاله أحمد . فلا يتعرض لها . روي عن ابن عباس ، وابن عمر ، ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة . ويحرم على من لا يأمن نفسه عليها أخذها ، لما فيه من تضييعها على ربها ، كإتلافها ، ويضمنها إن تلفت فرط أولاً ، لأنه غير مأذون فيه ، أشبه الغاصب ، ولا يملكها ولو عرفها ، لأن السبب المحرم لا يفيد الملك ، كالسرقة . .
فإن أخذها ، ثم ردها إلى موضعها بغير إذن الإمام أو نائبه .
ضمن لأنها أمانة حصلت في يده ، فلزمه حفظها كسائر الأمانات ، والتفريط فيها تضييع لها .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن   منار السبيل في شرح الدليل          الجزء الثامن Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 19:49

فصل

وهذا القسم الأخير ثلاثة أنواع :
أحدها : ما التقطه من حيوان مأكول ، كفصيل وشاة .
فيلزمه خير ثلاثة أمور : أكله بقيمته في الحال ، لحديث هي لك أو لأخيك أو للذئب . فسوى بينه وبين الذئب ، وهو لايستأني بأكلها . قال ابن عبد البر : أجمعوا على أن ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له أكلها ، لأنه سوى بينه وبين الذئب . انتهى . ولأن فيه إغناء عن الإنفاق عليه حراسة لماليته على ربه إذا جاء . وإذا أراد أكله حفظ صفته ، فمتى جاء ربه فوصفه غرم له قيمته .
أو بيعه وحفظ ثمنه ولو بلا إذن الإمام ، لأنه إذا جاز أكله بلا إذن فبيعه أولى .
أو حفظه وينفق عليه من ماله ليحفظه لمالكه ، فإن تركه بلا إنفاق عليه فتلف ، ضمنه لتفريطه .
وله الرجوع بما أنفق إن نواه نص عليه ، لأنه أنفق عليه لحفظه ، فكان من مال صاحبه .
فإن استوت الثلاثة خير لعدم المرجح إذاً .
الثاني : ما خشي فساده بإبقائه كخضروات ونحوها .
فيلزمه فعل الأصلح من بيعه وحفظ ثمنه لما تقدم .
أو أكله بقيمته قياساً على الشاة .
أو تجفيف ما يجفف كعنب ورطب .
فإن استوت الثلاثة خير لأنه أمانة بيده فتعين عليه فعل الأحظ .
الثالث : باقي المال من أثمان ومتاع ونحوهما .
ويلزم التعريف في الجميع من حيوان وغيره لأنه صلى الله عليه وسلم ، أمر به زيد بن خالد ، وأبي ابن كعب ، ولم يفرق ولأن طريق وصولها إلى صاحبها ، فوجب كحفظها .
فوراً لأنه مقتضى الأمر ، ولأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها .
نهاراً لأنه مجمع الناس وملتقاهم .
أو كل يوم قبل اشتغال الناس بمعاشهم .
مدة أسبوع لأن الطلب فيه أكثر .
ثم عادة أي كعادة الناس ، ويكثر منه في موضع وجدانها وفي الوقت الذي يلي التقاطها .
مدة حول لحديث زيد السابق . وروي عن عمر وعلي وابن عباس ، ولأن السنة لا تتأخرعنها القوافل ، ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد ، من الحر والبرد والإعتدال .
وتعريفها بأن ينادي في الأسواق وأبواب المساجد أوقات الصلوات لأن عمر ، رضي الله عنه ، أمر واجدها بتعريفها على باب المسجد قاله في الشرح .
من ضاع منه شئ أو نفقة ولا يصفها ، لأنه لايؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها فتضيع على مالكها .
وأجرة المنادي على الملتقط نص عليه ، لوجوب التعريف عليه فأجرته عليه .
فإذا عرفها حولاً فلم تعرف دخلت في ملكه قهراً عليه كالميراث . نص عليه . وروي عن عمر وغيره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : فإن لم تعرف فاستنفقها - وفي لفظ : وإلا فهي كسبيل مالك - وفي لفظ : ثم كلها - وفي لفظ : فانتفع بها - وفي لفظ : فشأنك بها - وفي لفظ : فاستمتع بها .
فيتصرف فيها بما شاء بشرط ضمانها لقوله في حديث زيد السابق : فإذا جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه متفق عليه .
فصل

ويحرم تصرفه فيها حتى يعرف وعاءها ووكاءها - وهو ما يشد به الوعاء -وعفاصها - وهو : صفة الشد - ويعرف قدرها وجنسها وصفتها لقوله : اعرف وكاءها وعفاصها نص على الوكاء والعفاص ، وقيس الباقي . ولأنه يجب دفعها إلى ربها بوصفها ، فلا بد من معرفته ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب .
ومتى وصفها طالبها يوماً من الدهر لزم دفعها إليه لما تقدم .
بنمائها المتصل لأنه يتبع في الفسوخ .
وأما المنفصل بعد حول التعريف فلواجدها لأنها نماء ملكه ولأنه يضمن النقص بعد الحول فالزيادة له ليكون الخراج بالضمان .
وإن تلفت أو نقصت في حول التعريف ولم يفرط لم يضمن لأنها أمانة بيده كالوديعة .
وبعد الحول يضمن مطلقاً فرط أو لا لدخولها في ملكه ، فتلفها من ماله .
وإن أدركها ربها بعد الحول مبيعة أو موهوبة لم يكن له إلا البدل لصحة تصرف الملتقط فيها لدخولها في ملكه .
ومن وجد في حيوان نقداً أو درة فلقطة لواجده يلزمه تعريفه ويبدأ بالبائع لاحتمال أن يكون من ماله ، فإن لم يعرف فلواجده ، وإن وجد درة غير مثقوبة في سمكة فهي لصياد ولو باعها . نص عليه .
ومن استيقظ فوجد في ثوبه مالاً لا يدري من صره فهو له بلا تعريف ، لأن قرينة الحال تقتضي تمليكه .
ولا يبرأ من أخذ من نائم شيئاً إلا بتسليمه له بعد انتباهه لتعديه ، لأنه إما سارق أو غاصب ، فلا يبرأ من عهدته إلا برده لمالكه في حال يصح قبضه فيها .
باب اللقيط

وهو طفل يوجد لا يعرف نسبه ولا رقه نبذ في شارع أو غيره ، أو ضل الطريق ما بين ولادته إلى سن التمييز فقط - على الصحيح - قاله في الإنصاف .
والتقاطه والإنفاق عليه فرض كفاية لقوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى [ المائدة : 2 ]
ويحكم بإسلامه إن وجد بدار الإسلام إذا كان فيها مسلم أو مسلمة ، لأنه اجتمع الدار وإسلام من فيها تغليباً للإسلام ، فإنه يعلو ولا يعلى عليه .
وحريته لأنها الأصل في الآدميين ، فإن الله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً ، والرق عارض ، الأصل عدمه . وروى سنين أبو جميلة ، قال : وجدت ملقوطاً فأتيت به عمر بن الخطاب ، فقال عريفي : يا أمير المومنين ، إنه رجل صالح ، فقال عمر : أكذلك هو ؟ قال : نعم . فقال : اذهب به وهو حر ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته . وفي لفظ : وعلينا رضاعه رواه سعيد في سننه .
وينفق عليه مما معه إن كان لوجوب نفقته في ماله ، وما معه فهو ماله .
فإن لم يكن فمن بيت المال لما تقدم .
فإن تعذر اقترض عليه أي : على بيت المال .
الحاكم فإن تعذر الإقتراض ، أو الأخذ من بيت المال .
فعلى من علم بحاله الإنفاق عليه ، لأن به بقاءه فوجب ، كإنقاذ الغريق ، لقوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى [ المائدة : 2 ]
والأحق بحضانته واجده لما تقدم عن عمر ، ولسبقه إليه فكان أولى به .
إن كان حراً مكلفاً رشيداً لأن منافع القن مستحقة لسيده ، فلا يذهبها في غير نفعه إلا بإذنه ، وغير المكلف لا يلي أمر نفسه فغيره أولى ، وكذا السفيه .
أميناً عدلاً ، ولو ظاهراً كولاية النكاح ، ولما سبق .
فصل

وميراث اللقيط وديته إن قتل لبيت المال إن لم يخلف وارثاً كغير اللقيط ، فإن كان له زوجة فلها الربع ، والباقي لبيت المال ، ولا يرثه ملتقطه ، لحديث إنما الولاء لمن أعتق وقول عمر : ولك ولاؤه أي : ولايته وحضانته . وحديث واثلة بن الأسقع مرفوعاً : المرأة تحوز ثلاثة مواريث : عتيقها ، ولقيطها ، وولدها الذي لاعنت عليه رواه أبو داود والترمذي وحسنه ، قال ابن المنذر : لا يثبت .
وإن ادعاه من يمكن كونه منه من ذكر أو أنثى ألحق به ولو كان اللقيط
ميتاً احتياطاً للنسب ، لأن الإقرار به محض مصلحة للقيط لاتصال نسبه ، ولا مضرة على غيره فيه ، فقبل كما لو اًقر له بمال .
وثبت نسبه وإرثه لمدعيه .
وإن ادعاه اثنان فأكثر معاً قدم من له بينة لأنها علامة واضحة على إظهار الحق .
فإن لم تكن بينة لأحدهم ، أو تساووا فيها .
عرض على القافة وهم قوم يعرفون الأنساب بالشبه ، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة بل من عرفت منه معرفة ذلك ، وتكررت منه الإصابة فهو قائف . واشتهر ذلك في بني مدلج وبني أسد .
فإن ألحقته بواحد لحقه لقضاء عمر به بحضرة الصحابة ، رضي الله عنهم ، ولم ينكر ، فكان إجماعاً . وعن عائشة قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ، مسروراً تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززاً المدلجي نظر آنفاً إلى زيد وأسامة ، وقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما ، فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ؟ متفق عليه . فلولا أن ذلك حق لما سر به النبي صلى الله عليه وسلم .
وإن ألحقته بالجميع لحقهم لما روى سليمان بن يسار عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر فقال القائف : قد اشتركا فيه جميعاً ، فجعله عمر بينهما رواه سعيد . وبإسناده عن الشعبي قال : وعلي يقول : هو ابنهما ، وهما أبواه يرثهما ويرثانه رواه الزبير بن بكار عن عمر . ويلحق بثلاثة ، لأن المعنى في الإثنين موجود فيما زاد ، فيقاس عليه .
وإن أشكل أمره على القافة ، أو لم يوجد قافة ، أو نفته عنهما ، أو تعارضت أقوالهم .
ضاع نسبه لتعارض الدليل ، ولا مرجح لبعض من يدعيه ، فأشبه من لم يدع نسبه أحد . وقال ابن حامد : يترك حتى يبلغ ، ويؤخذان بنفقته ، لأن كل واحد منهما مقر ، فإذا بلغ أمرناه أن ينتسب إلى من يميل طبعه إليه ، لأن ذلك يروى عن عمر ، ولأن الطبع يميل إلى الوالد ما لا يميل إلى غيره ، فإذا تعدرت القافة رجعنا إلى اختياره ، ولا يصح انتسابه قبل بلوغه . قاله في الكافي .
ويكفي قائف واحد في إلحاق النسب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، سر بقول مجزز وحده . وهو كالحاكم فيكفي مجرد خبره لأنه ينفذ ما يقوله بخلاف الشاهد .
بشرط كونه مكلفاً ذكراً لأن القيافة حكم مستندها النظر ، والإستدلال ، فاعتبرت فيه الذكورة ، كالقضاء .
عدلاً لأن الفاسق لا يقبل خبره ، وعلم منه اشتراط إسلامه بالأولى .
حراً لأنه كحاكم .
مجرباً في الإصابة لأنه أمر علمي ، فلا بد من العلم بعلمه له ، وطريقه التجربة فيه ، ويكفى أن يكون مشهوراً بالإصابة ، وصحة المعرفة في مرات . قال القاضي : يترك الغلام مع عشرة غير مدعيه ، ويرى القائف ، فإن ألحقه بأحدهم سقط قوله ، وإن نفاه عنهم جلعناه مع عشرين فيهم مدعيه ، فإن ألحقه بمدعيه علمت إصابته
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
 
منار السبيل في شرح الدليل الجزء الثامن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حياة المسلم :: بقلم الدعاه :: العقيدة والفقه الاسلامى-
انتقل الى: