كتاب الجهاد
وهو فرض كفاية لقوله تعالى : كتب عليكم القتال [ البقرة : 216 ] وقوله : وقاتلوا في سبيل الله [ البقرة : 190 ]مع قوله تعالى : وما كان المؤمنون لينفروا كافة [ التوبة : 122 ] قال ابن عباس : إنها ناسخة لقوله : انفروا خفافا وثقالا [ التوبة : 41 ] رواه أبو داود . فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ، وإلا أثموا كلهم .
ويسن مع قيام من يكفي به للآيات والأحاديث ، منها حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها متفق عليه . وعن أبي عبس الحارثي مرفوعاً : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار رواه أحمد والبخاري . وعن ابن أبي أوفى مرفوعا : إنً الجنة تحت ظلال السيوف رواه أحمد والبخاري .
ولا يجب إلا على ذكر لحديث عائشة قلت : يا رسول الله ، هل على النساء جهاد ؟ قال : جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة وفي لفظ لكن أفضل الجهاد حج مبرور رواه أحمد والبخاري .
مسلم مكلف كسائر العبادات ، وعن ابن عمر قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني أي : في المقاتلة . متفق عليه . وفي لفظ وعرضت عليه يوم الخندق فأجازني .
الصحيح أي : سليم من العمى والعرج والمرض ، لقوله تعالى : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج [ النور : 61 ] الآية . وقوله : غير أولي الضرر [ النساء : 95 ] وقوله : ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج [ التوبة : 91 ] الآية .
واجد من المال ما يكفيه ويكفي أهله في غيبته للآية .
ويجد مع مسافة قصر ما يحمله لقوله تعالى : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون [ التوبة : 92 ] ولا يجب على العبد ، لأنه لا يجد ما ينفق ، فيدخل فى عموم الآية . ويتعين إذا تقابل الصفان ، وإذا نزل العدو ببلدة ، لقوله تعالي : إذا لقيتم فئة فاثبتوا [ الأنفال : 45 ] الآية وقوله : فلا تولوهم الأدبار [الأنفال : 15 ]وقوله : قاتلوا الذين يلونكم [التوبة : 123] وإذا استنفرهم الإمام ، لقوله تعالى : ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض [ التوبة : 38 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا استنفرتم فانفروا متفق عليه .
وسن تشيع الغازي لا تلقيه نص عليه لأن علياً ، رضي الله عنه ، شيع النبي صلى الله عليه وسلم ، في غزوة تبوك ولم يتلقه احتج به أحمد . وعن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : لأن أشيع غازياً ، فأكفيه في رحلة غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها رواه أحمد وابن ماجه . وعن أبي بكر الصديق أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام . . . الخبر . وفيه : إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله وشيع الإمام أحمد أبا الحارث ونعلاه في يده . ذهب إلى فعل أبي بكر أراد أن تغبر قدماه في سبيل الله وشيع النبي صلى الله عليه وسلم النفر الذين وجههم إلى كعب ابن الأشرف إلى بقيع الغرقد رواه أحمد . وفي التلقي وجه كالحاج ، لحديث السائب بن يزيد قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من غزوة تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع . قال السائب : فخرجت مع الناس وأنا غلام رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وللبخاري نحوه .
وأفضل متطوع به الجهاد لما تقدم . وعن أبي سعيد الخدري قال : قيل : يا رسول الله ، أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله متفق عليه . وذكر للإمام أحمد أمر الغزو ، فجعل يبكي ويقول : ما من أعمال البر أفضل منه ، ولأن نفعه عظيم وخطره كبير ، فكان أفضل مما دونه .
وغزو البحر أفضل لأنه أعظم خطراً ، ولحديث أم حرام مرفوعاً : المائد في البحر - أي الذي يصيبه القئ - له أجر شهيد ، والغرق له أجر شهيدين رواه أبو داود . وعن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : شهيد البحر مثل شهيدي البر ، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر ، وما بين الموجتين كًقاطع الدنيا في طاعة الله وإن الله وكل ملك الموت بقًبض الأرواح ، إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم ، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين ، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين رواه ابن ماجه .
وتكفر الشهادة جميع الذنوب سوى الدين لحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين رواه مسلم . قال الشيخ تقى الدين : وغير مظالم العباد : كقتل ، وظلم ، و زكاة ، وحج أخرهما .
ولا يتطوع به مدين لا وفاء له إلا بإذن غريمه لحديث أبي قتادة وفيه أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك رواه أحمد ومسلم .
ولا من أحد أبويه حر مسلم إلا بإذنه لقول ابن مسعود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها . قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال الجهاد في سبيل الله متفق عليه . وعن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه .
ويسن الرباط : وهو لزوم الثغر للجهاد سمي بذلك لأن هؤلاء يربطون خيولهم ، وهؤلاء كذلك ، لحديث سلمان مرفوعاً : رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر ، وقيامه ، فإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمله ، وأجري علًيه رزقه ، وأمن الفًتان رواه مسلم .
وأقله ساعة قال الإمام أحمد : يوم رباط ، وليلة رباط ، وساعة رباط .
وتمامه أربعون يوماً يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تمام الرباط أربعون يوماً أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب . ويروى ذلك عن ابن عمر ، وأبي هريرة .
وهو أفضل من المقام بمكة ذكره الشيخ تقي الدين إجماعاً . والصلاة بالمساجد الثلاثة أفضل من الصلاة بالثغر . قال الإمام أحمد : فأما فضل الصلاة فهذا شئ خاصة لهذه المساجد .
وأفضله ما كان أشد خوفاً قال الإمام أحمد : أفضل الرباط أشدهم كلباً ، ولأن المقام به أنفع ، وأهله أحوج .
ولا يجوز للمسلمين الفرار من مثليهم ولو واحداً من اثنين لقوله تعالى : ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله [ الأنفال : 16 ] وعد النبي صلى الله عليه وسلم ، الفرار من الزحف من الكبائر والتحرف للقتال : هو أن ينصرف من ضيق إلى سعة ، أو من سفل إلى علو ، أو من استقبال ريح أو شمس إلى استدبارهما ، ونحو ذلك . والتحيز إلى فئة : ينضم إليها ليقاتل معها سواء قربت أو بعدت ، لحديث ابن عمر ، وفيه : فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل صلاة الفجر قمنا فقلنا له : نحن الفرارون ؟ فقال : لا بل أنتم العكارون . أنا فئة كل مسلم رواه الترمذي . وعن عمر قال : أنا فئة كل مسلم وقال لو أن أبا عبيدة تحيز إلي لكنت له فئة ، وكان أبو عبيدة بالعراق رواه سعيد .
فإن زادوا على مثليهم جاز لمفهوم قوله تعالى : الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين [ الأنفال : 66 ] وقال ابن عباس : من فر من اثنين فقد فر ، ومن فر من ثلاثة فما فر يعني : فراراً محرماً .
والهجرة واجبة على كل من عجز عن إظهار دينه بمحل يغلب فيه حكم الكفر ، والبدع المضلة بحيث يمنع من فعل الواجبات ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب ، وكذا إن خاف الإكراه على الكفر ، لقوله تعالى : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [ النساء : 97] وعنه صلى الله عليه وسلم : أنا برئ من مسلم بين ظهري مشركين لا تراءى نارهما رواه أبو داود والترمذي . وعن معاوية وغيره مرفوعاً : لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها رواه أبو داود . وأما حديث لا هجرة بعد الفتح أي : من مكة . ومثلها كل بلد فتح لأنه لم يبق بلد كفر .
فإن قدرعلى إظهار دينه فمسنون أي استحب له الهجرة ليتمكن من الجهاد وتكثير عدد المسلمين . قاله في الشرح .
فصل
والأسارى من الكفارعلى قسمين : قسم يكون رقيقاً بمجرد السبي : وهم النساء والصبيان لأنهم مال لا ضرر في اقتنائه فأشبهوا البهائم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان رواه الجماعة إلا النسائي . ولحديث سبي هوازن رواه أحمد والبخاري . وحديث عائشة في سبايا بني المصطلق رواه أحمد .
وقسم لا : وهم الرجال البالغون المقاتلون . والإمام فيهم مخير بين قتل ، ورق ، ومن ، وفداء بمال ، أو بأسير مسلم لقوله تعالى : فاقتلوا المشركين [التوبة : ه] قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، رجال بني قريظة وهم بين الست مائة والسبع مائة وقتل يوم بدر النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط صبراً وقتل يوم أحد أبا عزة الجمحي وأما الرق فلأنه يجوز إقرارهم بالجزية فبالرق أولى ، لأنه أبلغ في صغارهم . وأما المن فلقوله تعالى : فإما منا بعد وإما فداء [ محمد : 4] الآية ولأنه صلى الله عليه وسلم ، من على ثمامة بن أثال ، وعلى أبي عزة الشاعر ، وعلى أبي العاص بن الربيع وأما الفداء فلأنه صلى الله عليه وسلم ، فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل رواه أحمد والترمذي وصححه . وفدى أهل بدر بمال رواه أبو داود .
ويجب عليه فعل الأصلح فمتى رأى المصلحة للمسلمين في إحدى الخصال تعينت عليه ، لأنه ناظر للمسلمين ، وتخييره تخيير اجتهاد لا شهوة .
ولا يصح بيع مسترق منهم لكافر نص عيله ، لما روي أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كتب إلى أمراء الأمصار ينهاهم عنه ولأن في بقائهم رقيقاً للمسلمين تعريضاً لهم بالإسلام .
ويحكم بإسلام من لم يبلغ من أولاد الكفار عند وجود أحد ثلاثة أسباب : أحدها : أن يسلم أحد أبويه خاصة لقوله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم [الطور : 21]
الثاني : أن يعدم أحدهما بدارنا لمفهوم حديث : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه رواه مسلم . وقد انقطعت تبعيته لأبويه بانقطاعه عن أحدهما وإخراجه من دارهما إلى دار الإسلام .
الثالث : أن يسبيه مسلم منفرداً عن أحد أبويه قال في الشرح : والسبي من الأطفال منفرداً يصير مسلماً إجماعاً .
فإن سباه ذمي فعلى دينه قياساً على المسلم .
أوسبي مع أبويه فعلى دينهما للحديث السابق .
فصل
ومن قتل قتيلاً في حالة الحرب فله سلبه لحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يوم حنين : من قتل رجلاً فله سلبه . فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً ، واخذ أسلابهم رواه أحمد وأبو داود .
وهو ما عليه من ثياب ، وحلي ، وسلاح ، وكذا دابته التي قتل عليها ، وما عليها لحديث سلمة بن الأكوع ، وفيه قال : ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته ، فضربت رأس الرجل فندر ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه ، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس معه ، فقال : من قتل الرجل ؟ فقالوا : ابن الأكوع . قال : له سلبه أجمع متفق عليه . وروى عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب رواه أبو داود . وبارز البراء مرزبان الزارة - فقتله ، فبلغ سواره ومنطقته ثلاثين ألفاً ، فخمسه عمر ودفعه إليه رواه سعيد .
وأما نفقته ورحله وخيمته وجنيبه فغنيمة لأن السلب ما عليه حال قتله ، أو ما يستعان به في القتال .
وتقسم الغنيمة بين الغانمين ، فيعطى لهم أربعة أخماسها إجماعاً . قاله في الشرح لقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ، قسم الغنائم كذلك .
للراجل سهم ، وللغازي على فرس هجين سهمان ، وعلى فرس عربي ثلاثة قال ابن المنذر : للراجل سهم ، وللفارس ثلاثة . هذا قول عوام أهل العلم في القديم ، والحديث . وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له متفق عليه . وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أعطى الفارس ثلاثة أسهم ، وأعطى الراجل سهماً رواه الأ ثرم . والهجين : الذي أبوه عربي وأمه برذونة ، يكون له سهم . وبه قال الحسن ، لحديث أبي الأقمر قال : أغارت الخيل على الشام ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت الكودان ضحى الغد ، وعلى الخيل رجل من همدان يقال له : المنذر بن أبي حميضة ، فقال : لا أجعل التى أدركت من يومها مثل التي لم تدرك ، ففصل الخيل ، فقال عمر : هبلت الوادعي أمه ، أمضوها على ما قال رواه سعيد . وعن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أعطى الفرس العربي سهمين ، وأعطى الهجين سهماً أخرجه سعيد . ولا يسهم لأكثر من فرسين ، لما روى الأوزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يسهم للخيل ، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين ، وإن كان معه عشرة أفراس وعن أزهر بن عبيد الله أن عمر كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ، ولصاحبهما سهماً ، فذلك خمسة أسهم رواه سعيد . وروى الدارقطني عن بشير بن عمرو بن محصن قال أسهم لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لفرسي أربعة أسهم ، ولي سهماً ، فأخذت خمسة أسهم .
ولا يسهم لغير الخيل لأنه لم يقل عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه أسهم لغير الخيل وكان معه يوم بدر سبعون بعيراً ، ولم تخل غزوة من غزواته من الإبل ، بل هما غالب دوابهم ، ولو أسهم لها لنقل ، وكذا أصحابه من بعده . وعنه فيمن غزا على بعير لا يقدر على غيره : قسم له ولبعيره سهمان ، لقوله تعالى : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب [الحشر : 6] .
ولا يسهم إلا لمن فيه أربعة شروط : البلوغ ، والعقل ، والحرية ، والذكورة ، فإن اختل شرط رضخ لهم ، ولم يسهم أما المجنون فلا سهم له وإن قاتل ، لأنه من غيرأهل القتال وضرره أكثر من نفعه . وأما الصبي ، فلقول سعيد بن المسيب . كان الصبيان والعبيد يحذون من الغنيمة إذا حضروا الغزو في صدر هذه الأمة . وقال تميم بن فرع المهري كنت في الجيش الذين فتحوا الإسكندرية في المرة الآخرة ، فلم يقسم لي عمرو شيئاً ، وقال : غلام لم يحتلم . فسألوا أبا بصرة الغفاري ، وعقبة بن عامر ، فقالا : انظروا فإن كان قد أشعر فأقسموا له ، فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت ، فقسم لي قال الجوزجاني : هذا من مشاهير حديث مصر وجيده . وأما العبد فلما تقدم ، وعن عمير مولى آبي اللحم قال : شهدت خيبراً مع سادتي ، فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبر أنى مملوك ، فأمر لي من خرثي المتاع رواه أبو داود . وعنه : يسهم له إذا قاتل . روي عن الحسن والنخعي ، لحديث الأسود بن يزيد أسهم لهم يوم القادسية يعني العبيد . وأما النساء ، فلحديث ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ، ويحذين من الغنيمة ، فأما بسهم فلم يضرب لهن رواه أحمد ومسلم . وعنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش رواه أحمد . وحمل حديث حشرج بن زياد عن جدته أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أسهم لهن يوم خيبر رواه أحمد وأبو داود . وخبر أسهم أبو موسى يوم غزوة تستر لنسوة معه على الرضخ .
ويقسم الخمس الباقي خمسة أسهم لقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول [الأنفال : 41] الآية .
سهم لله ولرسوله يصرف مصرف الفئ في مصالح المسلمين ، لحديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، تناول بيده وبرة من بعير ، ثم قال : والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم وعن عمرو بن عبسة ، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : نحوه . رواهما أحمد وأبو داود .
فجعله لجميع المسلمين ، ولا يمكن صرفه إلى جميعهم إلا بصرفه في مصالحهم الأهم فالأهم ، وقيل : للخليفة بعده ، لحديث : إذا أطعم الله نبياً طعمةً ، ثم قبضه فهو للذي يقوم بها من بعده رواه أبو بكر عنه ، وقال : قد رأيت أن أرده على المسلمين فاتفق هو وعمر وعلي والصحابة على وضعه في الخيل والعدة في سبيل الله . قاله في الشرح .
وسهم لذي القربى وهم : بنو هاشم وبنو المطلب حيث كانوا ، للذكر مثل حظ الأنثيين لحديث جبير بن مطعم قال : لما كان يوم خيبر قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سهم ذوي القربى بين بني هاشم ، وبني المطلب ، فأتيت أنا وعثمان بن عفان ، فقلنا : يا رسول الله : أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم ، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم ، وتركتنا ، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة ؟ فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد ، وشبك بين أصابعه رواه أحمد والبخاري . ولأنهم يستحقونه بالقرابة أشبه الميراث . ويعطى الغني والفقير ، والذكر والأنثى ، لعموم الآية . وكان صلى الله عليه وسلم ، يعطي منه العباس ، وهو غني ويعطي صفية .
وسهم لفقراء اليتامى للآية .
وهم من لا أب له ولم يبلغ لحديث : لايتم بعد احتلام واعتبر فقرهم ، لأن الصرف إليهم لحاجتهم .
وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل فيعطون كما يعطون من الزكاة ، للآية .