حياة المسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حياة المسلم

يختص بالدين الاسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Empty
مُساهمةموضوع: منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس   منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 18:05

فصل

من قبض العين لحظ نفسه ، كمرتهن وأجير ومستأجر ومشتر وبائع وغاصب ، وملتقط ، ومقترض ، ومضارب ، وادعى الرد للمالك فأنكره لم يقبل قوله إلا ببينة وهو المشهور عن أحمد ، وخرج أبو الخطاب ، وأبو الحسين وجهاً بقبول قول المرتهن ، ونحوه في الرد ، لأنه أمين في الجملة ، وكذا الخلاف في المستأجر . قاله في القواعد ، وقدمه في الكافي .
وكذا مودع ، ووكيل ، ووصى ، ودلال بجعل إذا ادعى الرد قال في القواعد : القسم الثالث : من قبض المال لمنفعة مشتركة بينه وبين مالكه ، كالمضارب ، والشريك ، والوكيل بجعل ، والوصي كذلك . ففي قبول قولهم في الرد وجهان ، لوجود المشائبتين في حقهم ،
أحدهما : عدم القبول . نص عليه في المضارب في رواية ابن منصور . وهو اختيار ابن حامد ، وابن أبي موسى ، والقاضي في المجرد ، وابن عقيل ، وغيرهم .
والثاني : قبول قولهم في ذلك . اختاره القاضي في خلافه ، وابنه أبو الحسين ، والشريف أبو جعفر ، و أبو الخطاب في خلافه ، ووجدت ذلك منصوصاً عن أحمد في المضارب أيضاً أن القول قوله بيمينه . انتهى .
وبلا جعل يقبل قوله بيمينه لأنه أمين قبض المال لمنفعة مالكه وحده . قال معناه في القواعد .
الضمان

الضمان جائز إجماعاً في الجملة ، لقوله تعالى : ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم [ يوسف : 72] قال ابن عباس الزعيم : الكفيل ولقوله صلى الله عليه وسلم : الزعيم غارم رواه أبو داود والترمذي وحسنه .
يصحان تنجيزاً كأنا ضامن ، أو كفيل الآن .
وتعليقاً كإن أعطيته كذا فأنا ضامن لك ، أو كفيل به للآية السابقة .
وتوقيتاً كإذا جاء رأس الشهر فأنا ضامن لك ، أو كفيل عند أبي الخطاب ، والشريف أبي جعفر ، وهو مذهب أبي حنيفة . وقال القاضي : لا يصح ، لأنه إثبات حق لآدمي ، فلم يجز ذلك فيه كالبيع ، وهو مذهب الشافعي .
ممن يصح تبرعه لأنه إيجاب مال ، فلم يصح إلا من جائز التصرف .
ولرب الحق مطالبة الضمان والمضمون معاً أو أيهما شاء لثبوت الحق في ذمتهما ، وحكي عن مالك في إحدى الروايتين عنه : أنه لا يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه ، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم الزعيم غارم قاله في الشرح .
لكن لو ضمن ديناً حالاً إلى أجل معلوم صح ، ولم يطالب الضان قبل مضيه نص عليه : في رجل ضمن ما على فلان أن يؤديه حقه في ثلاث سنين فهو عليه ، ويؤديه كما ضمن ، ولحديث رواه ابن ماجة ، عن ابن عباس معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، تحمل عشرة دنانير عن رجل قد لزمه غريمه إلى شهر ، وقضاها عنه ولأنه مال لزم مؤجلاً بعقد فكان كما التزمه ، كالثمن المؤجل ، ولم يكن على الضامن حالاً ، وتأجل ، ويجوز تخالف ما في الذمتين .
ويصح ضمان عهدة الثمن والمثمن لدعاء الحاجة إليه : بأن يضمن الثمن إن استحق المبيع ، أو رد بعيب ، أو الأرش إن خرج معيباً ، أو يضمن الثمن للبائع قبل تسليمه ، أو إن ظهر به عيب . وممن أجاز ضمان العهدة في الجملة : أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، قاله في الشرح .
والمقبوض على وجه السوم إن ساومه ، وقطع ثمنه ، أوساومه ولم يقطع ثمنه ليريه أهله إن رضوه ، وإلا رده ، لأنه مضمون على قابضه إذا تلف بيده ، فيصح ضمانه ، كعهدة المبيع .
والعين المضمونة كالغصب والعارية لأنها مضمونة على من هي بيده لو تلفت ، فصح ضمانها ، ومعنى ضمان غصب ونحوه : ضمان استنقاذه ، والتزام تحصيله ، أو قيمته عند تلفه ، فهو كعهدة المبيع .
ولا يصح ضمان غير المضمونة كالوديعة ونحوها كالعين المؤجرة ، ومال الشركة ، لأنها غير مضمونة على صاحب اليد ، فكذا على ضامنه إلا أن يضمن التعدي فيها ، فيصح في ظاهر كلام أحمد ، لأنها مع التعدي مضمونة كالغصب .
ولا دين الكتابة لأنه ليس بلازم ، ولا مآله إلى اللزوم ، لأنه يملك تعجيز نفسه .
ولا بعض دين لم يقدر لجهالته حالاً ومالاً . قال في الفروع : وصححه أبو الخطاب ، ويفسره . انتهى . ويصح ضمان المعلوم ، والمجهول قبل وجوبه وبعده ، للآية . وحمل البعير يختلف ، فهو غير معلوم ، وقد ضمنه قبل وجوبه .
وإن قضى الضامن ما على المدين ، ونوى الرجوع عليه رجع ، ولو لم يأذن له المدين في الضمان والقضاء لأنه قضاء مبرئ من دين واجب لم يتبرع به ، فكان من ضمان من هو عليه ، كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه . وأما قضاء علي وأبي قتادة عن الميت ، فكان تبرعاً لقصد براءة ذمته ، ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، مع علمهما أنه لم يترك وفاء ، والكلام فيمن نوى الرجوع لا من تبرع .
وكذا كل من أدى عن غيره دينأ واجباً فيرجع إن نوى الرجوع ، وإلا فلا . إلا الزكاة ، والكفارة ونحوهما مما يفتقر إلى نية ، لأنها لا تجزئ بغير نية ممن هي عليه .
وإن برئ المديون بوفاء أو إبراء أو حوالة .
برئ ضامنه لأنه تبع له ، والضمان وثيقة ، فإذا برئ الأصل زالت الوثيقة كالرهن .
ولا عكس أي : لا يبرأ مدين ببراءة ضامن ، لعدم تبعيته له .
ولو ضمن اثنان واحداً ، وقال كل : ضمنت لك الدين . كان لربه طلب كل واحد بالدين كله لثبوته في ذمة المدين أصالة ، وفي ذمة الضامنين تبعاً ، كل واحد منهما ضامن الدين منفرداً ، ويبرؤون بأداء أحدهم وبإبراء المضمون عنه . قال مهنا : سألت أحمد عن رجل له على رجل ألف درهم ، فأقام بها كفيلين : كل واحد منهما كفيل ضام ، فأيهما شاء أخذه بحقه ، فأحال رب المال رجلاً عليه بحقه ، قال : يبرأ الكفيلان .
وإن قالا : ضمنا لك الدين فبينهما بالحصص أي نصفين ، لأن مقتضى الشركة التسوية .
فصل

والكفالة : هي أن يلتزم بإحضار بدن من عليه حق مالي إلى ربه من دين ، أوعارية ، ونحوهما . قال في الشرح : وجملة ذلك : أن الكفالة بالنفس صحيحة في قول أكثر أهل العلم ، لقوله تعالى : قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم [يوسف : 66] ولحديث الزعيم غارم تصح ببدن كل من يلزمه الحضور في مجلس الحكم ، بلفظ : أنا كفيل بفلان ، أو بنفسه ، أو بدنه ، أو وجهه ، أو ضامن ، أو زعيم ، ونحوها . ولا تصح ببدن من عليه حد لله تعالى ، أو لآدمي . قال في الشرح : وهو قول أكثر العلماء لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً : لا كفالة في حد ولأن مبناه على الإسقاط ، والدرء بالشبهة ، فلا يدخله الإستيثاق ، ولا يمكن استيفاؤه من غير الجانى .
ويعتبر رضى الكفيل لأنه لا يلزمه الحق ابتداء إلا برضاه .
لا المكفول ، ولا المكفول له كالضمان ، لحديث جابر : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل ليصلي عليه فقال : أعليه دين ؟ قلنا : ديناران . فانصرف فتحملهما أبو قتادة ، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري بمعناه . فلم يعتبر الرضى المضمون له ، ولا المضمون عنه ، فكذا الكفالة .
ومتى سلم الكفيل المكفول لرب الحق بمحل العقد وقد حل الأجل ، إن كانت الكفالة مؤجلة برئ الكفيل مطلقاً . نص عليه . أو سلمه قبل الأجل ، ولا ضرر في قبضه برئ الكفيل ، لأنه زاده خيراً بتعجيل حقه ، فإن كان فيه ضرر لغيبة حجته ، أو لم يكن يوم مجلس الحكم ، أو الدين مؤجل لا يمكن استيفاؤه ، أو كان ثم يد حائلة ظالمة ونحوه ، لم يبرأ الكفيل ، لأنه كلا تسليم .
أو سلم المكفول نفسه برئ الكفيل ، لأن الأصيل أدى ما على الكفيل ، كما لو قضى مضمون عنه الدين .
أو مات المكفول .
برئ الكفيل لسقوط الحضور عنه بموته ، وكذا إن تلفت العين المكفولة بفعل الله ، وبه قال الشافعي .
وإن تعذر على الكفيل إحضار المكفول مع حياته ، أو امتنع الكفيل من إحضاره .
ضمن جميع ما عليه نص عليه ، لحديث الزعيم غارم . ولأنها أحد نوعي الكفالة فوجب الغرم بها كالضمان ، قاله في الكافي .
ومن كفله اثنان فسلمه أحدهما لم يبرأ الآخر لانحلال إحدى الوثيقتين بلا استيفاء ، فلا تنحل الأخرى ، كما لو برئ أحدهما ، أو انفك أحد الرهنين بلا قضاء .
وإن سلم المكفول
نفسه برئا أي : الكفيلان ، لأداء الأصيل ما عليهما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس   منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 18:07

باب الحوالة

مشتقة من التحول ، لأنها تحول الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه . وهي ثابتة بالسنة ، والإجماع ، لقوله صلى الله عليه وسلم : مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع متفق عليه . وفي لفظ ومن أحيل بحقه على مليء فليحتل وأجمعوا على جوازها في الجملة ، وهي عقد إرفاق منفرد بنفسه ليست بيعاً ، بدليل جوازها في الدين بالدين . وجوازالتفرق قبل القبض ، واختصاصها بالجنس الواحد ، واسم خاص فلا يدخلها خيار ، لأنها ليست بيعاً ، ولا في معناه ، لكونها لم تبن على المغابنة ، قاله في الكافي .
وشروطها خمسة : أحدها : اتفاق الدينين لأنها تحويل الحق ، فيعتبر تحويله على صفته .
في الجنس فلو أحال عليه أحد النقدين بالآخر لم يصح .
والصفة فلو أحال عن المصرية بأميرية ، أو عن المكسرة بصحاح لم يصح .
والحلول والأجل فإن كان أحدهما حالاً ، والآخر مؤجلاً ، أو أجل أحدهما مخالفاً لأجل الآخر لم يصح .
الثاني : علم قدر كل من الدينين لأنه يعتبر فيها التسليم ، والتماثل . والجهالة تمنعهما .
الثالث : استقرار المال المحال عليه نص عليه ، لأن مقتضاها إلزام المحال عليه بالدين مطلقاً ، وما ليس بمستقر عرضة للسقوط ، فلا تصح على مال كتابة ، أو صداق قبل دخول ، أو ثمن مدة خيار ، أو جعل قبل العمل .
لا المحال به فإن أحال المكاتب سيده بدين الكتابة ، أو الزوج امرأته بصداقها قبل الدخول ، أو المشتري البائع بثمن المبيع في مدة الخيارين صح ، لأن له تسليمه ، وحوالته تقوم مقام تسليمه .
الرابع : كونه يصح السلم فيه لأن غيره لا يثبت في الذمة ، وإنما تجب قيمتة بالإتلاف ، ولا يتحرر المثل فيه .
الخامس : رضى المحيل لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه منه جهة بعينها . قال في الشرح : ولا خلاف في هذا ، ولا يعتبر رضى المحال عليه ، لأن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه ، وبوكيله ، وقد أقام المحتال مقام نفسه في القبض ، فلزم المحال عليه الدفع إليه .
لا المحتال إن كان المحال عليه مليئاً ويجبر على اتباعه . نص عليه ، للخبر .
وهو أي : المليء .
من له القدرة على الوفاء وليس مماطلاً ، ويمكن حضوره لمجلس الحكم نص أحمد في تفسير المليء : أن يكون مليئاً بماله وقوله ، وبدنه ، فلا يلزم رب دين أن يحتال على والده ، لأنه لا يمكنه إحضاره إلى مجلس الحكم .
فمتى توفرت الشروط برئ المحيل من الدين بمجرد الحوالة لأنه قد تحول من ذمته .
أفلس المحال عليه بعد ذلك أو مات فلا يرجع على المحيل ، كما لو أبرأه ، لأن الحوالة بمنزلة الإيفاء .
ومتى لم تتوفر الشروط لم تصح الحوالة ، وإنما تكون وكالة قال في الشرح : وإذا لم يرض المحتال ، ثم بان المحال عليه مفلساً ، أو ميتاً رجع ، بغير خلاف . انتهى . وإن رضي مع الجهل بحاله رجع ، لأن الفلس عيب في المحال عليه ، وإن شرط ملاءة المحال عليه فبان معسراً رجع ، لحديث المؤمنون على شروطهم رواه أبو داود .
باب الصلح

وأحكام الصلح ثابتة بالإجماع لقوله تعالى : والصلح خير [النساء : 128] وعن أبي هريرة مرفوعاً : الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً ، أو أحل حراماً رواه أبو داود ، والترمذي ، والحاكم وصححاه .
يصح ممن يصح تبرعه لأ نه تبرع ، فلم يصح إلا من جائز التصرف ، ولا يصح من ولي يتيم ، ومجنون وناظر وقف ، لأنه تبرع ولا يملكونه إلا في حال الإ نكار وعدم البينة ، لأن استيفاء البعض عند العجز أولى من تركه ، قاله في الشرح .
مع الإقرار والإنكار على ما يأتي .
فإذا أقر للمدعي بدين ، أو عين ، ثم صالح على بعض الدين ، أو بعض العين المدعاة ، فهو هبة يصح بلفظها لأن الإنسان لا يمنع من إسقاط حقه ، أو بعضه . قال أحمد : ولو شفع فيه شافع لم يأثم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر فوضعوا عنه الشطر ، وكلم كعب بن مالك فوضع عن غريمه الشطر .
لا بلفظ الصلح لأن معناه : صالحني عن المئة بخمسين - أي : بعني - وذلك غير جائز ، لأنه رباً وهضم للحق ، وأكل مال بالباطل ، وإن منعه حقه بدونه ، لم يصح لذلك .
وإن صالحه على عين غير المدعاة ، فهو بيع يصح بلفط الصلح كسائر المعاوضات .
وتثبت فيه أحكام البيع على ما سبق .
فلو صالحه عن الدين بعين ، واتفقا في علة الربا ، اشترط قبض العوض في المجلس ، وبشئ في الذمة يبطل بالتفرق قبل القبض لأ نه إذاً بيع دين بدين ، وقد نهي عنه . قال في الكافي : وذلك ثلاثة أضرب . أحدها : أن يعترف له بنقد فيصالحه على نقد ، فهذا صرف يعتبر له شروطه . الثاني : أن يعترف له بنقد فيصالحه على عرض أو بالعكس ، فهذا بيع تثبت فيه أحكامه كلها . الثالث : أن يعترف له بنقد أو عرض ، فيصالحه على منفعة كسكنى دار وخدمة ، فهذه إجارة تثبت فيها أحكامها . انتهى .
وإن صالح عن عيب في المبيع صح الصلح لأنه يجوز أخذ العوض عنه .
فلو زال العيب سريعاً بلا كلفة ، ولا تعطيل نفع على مشتر ، كزوجة بانت ومريض عوفي ، رجع بما دفعه ، لحصول الجزء الفائت من المبيع بلا ضرر ، فكأنه لم يكن .
أو لم يكن أي : العيب . كنفاخ بطن أمة ظنه حملاً ، ثم ظهرالحال .
رجع بما دفعه لأنه تبين عدم استحقاقه .
ويصح الصلح عما تعذر علمه من دين أو عين كرجلين بينهما معاملة ، وحساب مضى عليه زمن ، ولا علم لواحد منهما بما عليه لصاحبه ، لما روى أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لرجلين ، اختصما في مواريث درست بينهما : استهما ، وتوخيا الحق ، وليحلل أحدكما صاحبه ولأنه إسقاط حق فصح فىالمجهول ، للحاجة ، ولئلا يفضي إلى ضياع المال ، أو بقاء شغل الذمة ، إذ لا طريق إلى التخلص إلا به ، فأما ما تمكن معرفته فلا يجوز . قال الإمام أحمد : إذا صولحت امرأة من ثمنها لم يصح ، واحتج بقول شريح : أيما امرأة صولحت من ثمنها ، لم يتبين لها ما ترك زوجها ، فهي الريبة كلها . وقال : وإن ورث قوم مالاً ، ودوراً ، وغير ذلك ، فقال بعضهم نخرجك من الميراث بألف درهم أكره ذلك . ولا يشترى منها شئ وهي لا تعلم ، لعلها تظن أنه قليل ، وهو يعلم أنه كثير ، إنما يصالح الرجل الرجل على الشئ لا يعرفه ، أو يكون رجلاً يعلم ما له عند رجل ، والآخر لا يعلمه فيصالحه ، فأما إذا علم فلم يصالحه ؟! إنما يريد أن يهضم حقه ، ويذهب به . قال معناه في الشرح و الكافي ، وصححه في الإنصاف ، وقطع به في الاقناع . قال في الفروع : وهو ظاهر نصوصه . انتهى . والمشهور أنه يصح لقطع النزاع ، كبراءة من مجهول . قدمه في الفروع ، وجزم به في التنقيح ، وحكاه في التلخيص عن الأصحاب .
وأقر لي بديني ، وأعطيك منه كذا فأقر ، لزمه الدين لأنه لا عذر لمن أقر ، ولأنه أقر بحق يحرم عليه إنكاره .
ولم يلزمه أن يعطيه لوجوب الاقرار عليه بلا عوض . قال في الشرح : وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاً لم يصح ، كرهه ابن عمر ، وقال : نهى عمر أن تباع العين بالدين وكرهه ابن المسيب والقاسم ومالك والشافعي وأبو حنيفة . وروي عن ابن عباس وابن سيرين والنخعي : أنه لا بأس به . وعن الحسن وابن سيرين : أنهما كانا لا يريان بأساً بالعروض أن يأخذها عن حقه قيل محله . وإذا صالحه عن ألف حالة بنصفها مؤجلاً اختياراً منه صح الإسقاط ولم يلزم التأجيل ، لأن الحال لا يتأجل . انتهى .
فصل

وإذا أنكر دعوى المدعى ، أو سكت وهو يجهله ثم صالحه صح الصلح إذا كان المنكر معتقداً بطلان الدعوى ، فيدفع المال افتداءً ليمينه ، ودفعاً للخصومة عن نفسه ، والمدعي يعتقد صحتها ، فيأخذه عوضاً عن حقه الثابت له . قاله في الكافي . وبه قال مالك ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين .
وكان إبراء في حقه أي : المدعى عليه ، لأنه ليس في مقابلة حق ثبت عليه .
وبيعاً في حق المدعي لأنه يعتقده عوضاً عن ماله ، فلزمه حكم اعتقاده .
ومن علم بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه أما المدعي : فلأن الصلح مبني على دعواه الباطلة ، وأما المدعى عليه : فلأن الصلح مبني على جحده حق المدعي ، ليأكل ما ينتقصه بالباطل .
وما أخذ فحرام لأنه أكل مال الغير بالباطل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إلا صلحاً حرم حلالاً ، أو أحل حراماً قال في الكافي : وهو في الظاهر صحيح ، لأن ظاهر حال المسلمين الصحة والحق .
ومن قال : صالحني عن الملك الذي تدعيه ، لم يكن مقراً له بالملك ، لاحتمال إرادة صيانة نفسه عن التبذل ، وحضور مجلس الحكم بذلك .
وإن صالح أجنبي عن منكر للدعوى ، صح الصلح ، أذن له أو لا لجواز قضائه عن غيره بإذنه وبغير إذنه ، لفعل علي وأبي قتادة . وتقدم في الضمان .
لكن لا يرجع عليه بدون إذنه لأنه أدى عنه ما لا يلزمه فكان متبرعاً ، فإن كان بإذنه رجع عليه لأنه وكيله ، وقائم مقامه .
ومن صالح عن دار ونحوها فبان العرض مستحقاً لغير المصالح ، أو بان القن حراً .
رجع بالدار المصالح عنها ونحوها إن بقيت ، وببدلها إن تلفت إن كان الصلح .
مع الإقرار أي : إقرار المدعى عليه ، لأنه بيع حقيقة ، وقد تبين فساده ، لفساد عوضه ، فرجع فيما كان له .
وبالدعوى مع الإنكار أي : يرجع إلى دعواه قبل الصلح لفساده ، فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبله .
ولا يصح الصلح عن خيار ، أو شفعة ، أو حد قذف لأنها لم تشرع لاستفادة مال ، بل الخيار للنظر في الأحظ ، والشفعة لإزالة ضرر الشركة وحد القذف للزجر عن الوقوع في أعراض الناس .
وتسقط جميعها بالصلح لأنه رضي بتركها .
ولا يصح أن يصالح .
شارباً أو سارقاً ليطلقه لأنه لا يصح أخذ العوض في مقابلته .
أو شاهداً ليكتم شهادته لتحريم كتمانها إن صالحه ، على أن لا يشهد عليه بحق لله تعالى ، أو لآدمي ، وكذا أن لا يشهد عليه بالزور ، لأنه لا يقابل بعوض .
فصل

ويحرم على الشخص أن يجري ماء في أرض غيره بلا إذنه ، لأن فيه تصرفاً في أرض غيره بغير إذنه ، فلم يجز ، كالزرع فيها ، وإن كانت له أرض لها ماء لا طريق له إلا في أرض جاره ، وفي إجرائه ضرر بجاره ، لم يجز إلا بإذنه ، وإن لم يكن فيه ضرر ففيه روايتان . إحداهما : لا يجوز ، لما تقدم . والثانية يجوز ، لما روى أن الضحاك بن خليفة ، ساق خليجاً من العريض ، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى ، فكلم فيه عمر ، فدعا محمداً وأمره أن يخلي سبيله ، فقال : لا والله . فقال له عمر : لم تمنع أخاك ما ينفعه ، وهو لك نافع تسقي به أولاً وآخراً وهو لا يضرك ؟! فقال له محمد : لا والله ، فقال عمر : والله ليمرن به ولو على بطنك ، فأمره عمر أن يمر به ، ففعل رواه مالك في الموطأ ، وسعيد في سننه . ولأنه نفع لا ضرر فيه ، أشبه الاستظلال بحائطه قاله في الكافي و الشرح وغيرهما ، واختاره الشيخ تقي الدين .
أوسطحه أي : ويحرم أن يجري ماء في سطح غيره .
بلا إذنه لما تقدم .
ويصح الصلح على ذلك بعوض لأنه إما بيع ، وإما إجارة فيصح ، لدعاء الحاجة إليه .
ومن له حق ماء يجري على سطح جاره ، لم يجز لجاره تعلية سطحه ، ليمنع جري الماء لأنه إبطال لحقه ، أو تكثير لضرره .
وحرم على الجار أن يحدث بملكه ما يضر بجاره : كحمام أو كنيف أو رحى أو تنور ، وله منعه من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار رواه ابن ماجه . وأما دخان الطبخ والخبز ، فإن ضرره يسير ولا يمكن التحرز منه ، فتدخله المسامحة . قاله في الشرح .
وإن كان له سطح أعلى من سطح جاره ، فليس له الصعود على وجه يشرف على جاره ، إلا أن يبني سترة تستره ، لأنه إضرار بجاره فمنع منه ، ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : لو أن رجلاً اطلع إليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح قاله في الشرح .
ويحرم التصرف في جدار جار أو مشترك ، بفتح روزنة ، أو طاق ، أو ضرب وتد ونحوه ، إلا بإذنه لأنه تصرف في ملك غيره بما يضر به .
وكذا وضع خشب عليه إن كان يضر بالحائط أو يضعف عن حمله فلا يجوز ، من غير خلاف . قاله في الشرح ، لحديث لا ضرر ولا ضرار وإن كان لا يضر به ، وبه غنى عنه ، فقال أكثر أصحابنا : لا يجوز . وهو قول الشافعي ، لأنه تصرف في ملك غيره بما يستغنى عنه ، واختار ابن عقيل جوازه ، للحديث . قاله في الكافي ، و الشرح .
إلا أن لا يمكن تسقيف إلا به ولا ضرر فيجوز .
ويجبر الجار إن أبى لحديث أبي هريرة يرفعه : لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبةً على جداره ، ثم يقول أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين ؟! والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه .
وله أن يسند قماشة ، ويجلس في ظل حائط غيره من غير إذنه ، لأنه لا مضرة فيه ، والتحرز منه يشق .
وينظر في ضوء سراجه من غير إذنه لما تقدم ، ونص عليه في رواية جعفر ، ونقل المروزي : يستأذنه أعجب إلي .
وحرم أن يتصرف في طريق نافذ بما يضر المار ، كإخراج دكان ، ودكة قال في القاموس : الدكة بالفتح والدكان بالضم : بناء يسطح أعلاه للمقعد ، وفي موضع آخر الدكان : كرمان : الحانوت . قال في الشرح : وأما الدكان فلا يجوز بناؤه في الطريق . بغير خلاف علمناه ، سواء أذن فيه الإمام ، أو لم يأذن ، لأنه بناء في ملك غيره بغير إذنه . انتهى . ولأنه إن لم يضر حالاً فقد يضر مآلاً . وليس للإمام أن يأذن إلا ما فيه مصلحة ، لا سيما مع احتمال أن يضر ، ويضمن مخرجه ما تلف به لتعديه .
وجناح وهو : الروشن على أطراف خشب ، أو حجر مدفونة في الحائط .
وساباط وهو : المستوفي للطريق على جدارين .
وميزاب فيحرم إخراجها إلا بإذن الإمام أو نائبه ، لأنه نائب المسلمين فإذنه كإذنهم .
ويضمن ما تلف به إن لم يكن أذن ، لعدوانه ، فإن كان فيه ضرر : بأن لم يمكن عبور محمل ونحوه من تحته ، لم يجز وضعه ولا إذنه فيه ، فإن كان الطريق منخفضاً وقت وضعه ، ثم ارتفع لطول الزمن ، فحصل به ضرر وجبت إزالته . ذكره الشيخ تقي الدين . وقال مالك والشافعي : يجوز إخراج الميزاب إلى الطريق الأعظم ، لحديث عمر لما اجتاز على دار العباس ، وقد نصب ميزاباً إلى الطريق ، فقلعه عمر ، فقال العباس : تقلعه وقد نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يده ؟! فقال عمر : والله لا تنصبه إلا على ظهري ، فانحنى حتى صعد على ظهره فنصبه ولأن الناس يعملون ذلك في جميع بلاد الإسلام من غير نكير ، قاله في المغني ، و الشرح . وقال في القواعد : اختاره طائفة من المتأخرين . قال الشيخ تقي الدين : إخراج الميازيب إلى الدرب هو السنة ، واختاره .
ويحرم التصرف بذلك في ملك غيره ، أوهوائه ، أودرب غير نافذ إلا بإذن أهله أن المنع لحق المستحق فإذا رضي بإسقاطه جاز . قال في الشرح : فإن صالح عن ذلك بعوض جاز في أحد الوجهين .
ويجبر الشريك على العمارة مع شريكه في الملك والوقف إذا انهدم جدارهما المشترك ، أو سقفهما ، أو خيف ضرره بسقوطه فطلب أحدهما الآخر أن يعمره معه . نص عليه . نقله الجماعة . قال في الفروع : واختاره أصحابنا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار ولأنه إنفاق على ملك مشترك يزيل الضرر عنهما ، فأجبر عليه . وعنه : لا يجبر . اختاره الشارح ، وأبو محمد الجوزي ، وغيرهما ، لأنه إنفاق على ملك لا يجب لو انفرد به ، فلم يجب مع الإشتراك كزرع الأرض . وإن لم يكن بين ملكيهما حائط فطلب أحدهما البناء بين ملكيهما لم يجبر الآخر ، رواية واحدة . وليس له البناء إلا في ملكه . قاله في الشرح . وإن كان بينهما نهر أو بئر أو دولاب ، فاحتاج إلى عمارة ففي إجبار الممتنع روايتان .
وإن هدم الشريك البناء ، وكان لخوف سقوطه فلا شئ عليه لأنه محسن ، ولوجوب هدمه إذاً .
وإلا لزمه إعادته لتعديه على حصة شريكه ، ولا يخرج من عهدة ذلك إلا بإعادته .
وإن أهمل شريك بناء حائط بستان اتفقا عليه ، فما تلف من ثمرته بسبب إهماله ضمن حصة شريكه قاله الشيخ تقي الدين . وغيره .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس   منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 18:08

كتاب الحجر

وهو : منع المالك من التصرف في ماله . وهو نوعان :
الأول : لحق الغير ، كالحجر على مفلس لحق الغرماء على .
راهن لحق المرتهن .
ومريض مرض الموت المخوف ، فيما زاد على الثلث من ماله ، لحق الورثة .
وقن ، ومكاتب لحق السيد .
ومرتد لحق المسلمين ، لأن تركته فيء ، وربما تصرف فيها تصرفاً يقصد به إتلافها ، ليفوتها عليهم .
ومشتر شقصاً مشفوعاً .
بعد طلب الشفيع له ، لحق الشفيع .
الثاني : المحجور عليه .
لحظ نفسه كعلى صغير ، ومجنون ، وسفيه لقوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم [النساء : ه] الآية قال سعيد وعكرمة : هو مال اليتيم لا تؤته إياه ، وأنفق عليه . فلا يصح تصرفهم قبل الإذن . وقال تعالى : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم [النساء : 6] فدل على أنه لا يسلم إليهم قبل الرشد ، ولأن إطلاقهم في التصرف يفضي إلى ضياع أموالهم وفيه ضرر عليهم .
ولا يطالب المدين ، ولا يحجر عليه بدين لم يحل لأنه لا يلزمه أداؤه قبل حلوله ، ولا يستحق المطالبة به ، فلم يملك منعه مما له بسببه .
لكن لو أراد سفراً طويلاً يحل دينه قبل قدومه منه .
فلغريمه منعه حتى يوثقه برهن يحرز ، أو كفيل مليء لأنه ليس له تأخير الحق عن محله ، وفي السفر تأخيره . فإن كان لا يحل قبله ، ففي منعه روايتان .
ولا يحل دين مؤجل بجنون لأن الأجل حق له فلا يسقط بجنونه .
ولا بموت إن وثق ورثته بما تقدم أي : رهن بحرز ، أو كفيل مليء اختاره الخرقي ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من ترك حقاً فلورثته والأجل حق للميت ، فينتقل إلى ورثته ، ولأنه لا يحل به ماله ، فلا يحل به ما عليه كالجنون . وعنه : يحل ، لأن بقاءه ضرر على الميت ، لبقاء ذمته مرتهنة به ، وعلى الوارث ، لمنعه التصرف في التركة ، وعلى الغريم بتأخير حقه ، وربما تلفت التركة والحق يتعلق بها ، وقد لا يكون الورثة أملياء فيؤدي تصرفهم إلى هلاك الحق .
ويجب على مدين قادر وفاء دين حال فوراً بطلب ربه لحديث مطل الغني ظلم متفق عليه .
وإن مطله حتى شكاه وجب على الحاكم أمره بوفائه ، فإن أبى حبسه لقوله صلى الله عليه وسلم لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته رواه أحمد وأبو داود وغيرهما . قال الإمام أحمد : قال وكيع : عرضه : شكواه ، وعقوبته : حبسه . وإن لم يقضه باع الحاكم ماله وقضى دينه لأ نه صلى الله عليه وسلم ، حجر على معاذ وباع ماله في دينه رواه الخلال وسعيد بن منصور . وعن عمر أنه خطب فقال ألا إن أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال : سبق الحاج فادان معرضاً فأصبح وقد دين به ، فمن كان له عليه دين فليحضر غداً فإنا بائعون ماله ، وقاسموه بين غرمائه رواه مالك في الموطأ . قال في الشرح : وقال ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين ، وكان عمر بن عبد العزيز يقول : يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس ، وبه قال الليث . انتهى .
ولا يخرجه حتى يتبين أمره أي : أنه معسر ، أو يبرالمدين بوفاء أو إبراء أو يرضى غريمه بإخراجه .
فإن كان ذو عسرة وجبت تخليته وحرمت مطالبته والحجر عليه ما دام معسراً قوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [البقرة : 280] وقوله صلى الله عليه وسلم ، في الذي أصيب في ثماره : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك رواه مسلم . وفي إنظار المعسر فضل عظيم ، وأبلغها عن بريدة مرفوعاً : من أنظر معسراً فله بكل يوم ، مثليه صدقةً رواه أحمد بإسناد جيد .
وإن سأل غرماء من له مال لا يفي بدينه الحاكم الحجر عليه لزمه إجابتهم لحديث كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، حجر على معاذ وباع ماله رواه الخلال وسعيد في سننه . ولأن فيه دفعاً للضرر عن الغرماء ، فلزم ذلك لقضائهم .
وسن إظهار حجر لفلس وسفه ليعلم الناس بحالهما فلا يعاملوهما إلا على بصيرة ، وإذا لم يف ماله بدينه : فهل يجبر على إجازة نفسه ؟ فيه روايتان . إحداهما : يجبر . وهو قول عمر بن عبد العزيز و إسحاق ، لما روي أن رجلاً قدم المدينة ، وذكر أن وراءه مالاً ، فداينه الناس ، ولم يكن وراءه مال . فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سرقاً وباعه بخمسة أبعرة رواه الدارقطني بنحوه . وفيه أربعة أبعرة ، والحر لا يباع فعلم أنه باع منافعه . والثانية : لا يجبر ، لما روى أبو سعيد أن رجلاً أصيب في ثمار ابتاعها ، فكثر دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تصدقوا عليه . فتصدقوا عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : خذوا ما وجدتم ، وليس لًكم إلا ذلك رواه مسلم .
فصل

وفائدة الحجر أحكام أربعة .
الأول : تعليق حق الغرماء بالمال لأنه يباع في ديونهم فكانت حقوقهم متعلقة به كالرهن .
فلا يصح تصرفه فيه بشئ كبيعه وهبته ووقفه ونحوها ، لأنه حجر ثبت بالحكم فمنع تصرفه ، كالحجر للسفه .
ولو بالعتق فلا ينفذ لأن حق الغرماء تعلق بماله فمنع صحة عتقه . قال في الشرح : وبه قال مالك والشافعي ، وهذا أصح إن شاء الله . انتهى . وعنه : يصح عتقه لأنه عتق من مالك رشيد صحيح ، أشبه عتق الراهن .
وإن تصرف في ذمته بشراء أو إقرار صح لأنه أهل للتصرف ، والحجر إنما تعلق بماله دون ذمته .
وطولب به بعد فك الحجر عنه لأنه حق عليه وإنما منعنا تعلقه بماله لحق الغرماء السابق على ذلك ، فإذا استوفوه فقد زال المعارض .
الثاني : أن من وجد عين ما باعه أو أقرضه فهو أحق بها روي ذلك عن عثمان وعلي ، وبه قال مالك والشافعي و ابن المنذر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس ، أو إنسان قد أفلس ، فهو أحق به من غيره رواه الجماعة .
بشرط كونه لا يعلم بالحجر هذا شرط لمن فعل ما ذكر بعد الحجر .
وأن يكون المفلس حياً ، وأن يكون عوض العين كله باقياً في ذمته
لقوله صلى الله عليه وسلم : أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً ، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به ، وإن مًات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرًمًاء رواه مالك وأبو داود . وهو مرسل ، وقد أسنده أبو داود من وجه ضعيف . وفي حديث أبي هريرة : أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ، ولم يكن اقتضى من ماله شيئاً ، فهو له رواه أحمد . وفي لفظ أبى داود : فإن كان قبض من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء .
وأن تكون كلها في ملكه لم يتعلق بها حق الغير ، فإن رهنها لم يملك الرجوع ، لقوله عند رجل قد أفلس ، وهذا لم يجده عنده ، وهذا لا نعلم فيه خلافاً . قاله في الشرح .
وأن تكون بحالها لم يتلف منها شئ . وبه قال إسحاق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أدرك متاعه بعينه وهذا لم يجده بعينه .
ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها فإن طحن الحنطة ، ونسج الغزل ، وقطع الثوب قميصاً ، لم يرجع لأنه لم يجده بعينه ، لتغير اسمه وصفته . قال في الشرح : وللشافعي فيه قولان . أحدهما - به أقول - : يأخذ عين ماله ، ويعطى قيمة عمل المفلس . انتهى .
وليم تزد زيادة متصلة كالسمن والكبر ، فإن وجد ذلك منع الرجوع . ذكره الخرقي . وعنه : له الرجوع للخبر . وهو مذهب مالك . إلا أنه يخير الغرماء بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي باعها به ، فأما الزيادة المنفصلة والنقص بهزال ، فلا تمنع الرجوع . قال في المغني : بغير خلاف بين أصحابنا ، لأنه يمكن الرجوع في العين دون زيادتها ، والزيادة للمفلس فى ظاهر المذهب . نص عليه في رواية حنبل ، لحديث : الخراج بالضمان وهذا يدل على أن النماء والغلة للمشتري لكون الضمان عليه .
ولم تختلط بغير متميز فإن اشترى زيتاً وخلطه بزيت آخر سقط الرجوع ، لأنه لم يجد عين ماله ، وإنما يأخذ عوضه كالثمن .
ولم يتعلق بها حق للغير فإن خرجت عن ملكه ببيع أوغيره لم يرجع لأنه لم يجدها عنده .
فمتى وجد شئ من ذلك امتنع الرجوع لما تقدم .
الثالث : يلزم الحاكم قسم ماله الذى من جنس الدين ، وبيع ما ليس من جنسه ، ويقسمه على الغرماء بقدر ديونهم لأن فيه تسوية بينهم ، لما ذكرنا من حديث معاذ وفعل عمر ، ولأن ذلك هو جل المقصود بالحجر الذي طلبه الغرماء أو بعضهم . ويستحب إحضار المفلس والغرماء لأنه أطيب لقلوبهم وأبعد من التهمة .
ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم ، ثم إن ظهر رب دين حال رجع على كل غريم بقسطه لأنه لو كان حاضراً قاسمهم ، فكذا إذا ظهر . وأما الدين المؤجل فلا يحل بالفلس . قال القاضي : رواية واحدة ، لأن التأجيل حق له ، فلم يبطل بفلسه كسائر حقوقه ، فعليها يختص أصحاب الديون الحالة بماله دونه ، لأنه لا يستحق استًيفاء حقه قبل أجله ، وإن حل دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته إياهم في استيفائه . وقال أبو الخطاب : فيه رواية أخرى : أنه يحل بفلسه ، لأن الفلس معنى يوجب تعلق الدين بماله ، فأسقط الأجل كالموت .
ويجب أن يترك له ما يحتاجه من مسكن فلا تباع داره التي لا غنى له عنها . وبه قال إسحاق ، وقال مالك : تباع ويكترى له بدلها . اختاره ابن المنذر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : خذوا ما وجدتم .
خادم صالح لمثله ، لأن ذلك مما لا غنى له عنه ، فلم يبع في دينه ككتابه .
وما يتجر به إن كان تاجراً .
وآلة حرفة إن كان محترفاً . قال أحمد : يترك له قدر ما يقوم به معاشه .
ويجب له ولعياله أدنى نفقة مثلهم من مأكل ومشرب وكسوة قال في الشرح : وينفق عليه بالمعروف من ماله إلى أن يقسم ، إلا إن كان ذا كسب ، لقوله : ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وممن أوجب الإنفاق عليه وزوجته وأولاده ، مالك والشافعي ، ولا نعلم فيه خلافاً . وتجب كسوتهم . قال أحمد : يترك له قدر ما يقوم به معاشه ويباع الباقي ، وهذا في حق الشيخ الكبير ، وذوي الهيئات الذين لا يمكنهم التصرف بأبدانهم . انتهى .
الرابع : انقطاع الطلب عنه لقوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [البقرة : 280] وقوله صلى الله عليه وسلم : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك
فمن أقرضه أو باعه شيئاً عالماً بحجره ، لم يملك طلبه حتى ينفك حجره لتعلق حق الغرماء بعين مال المفلس ، وهل له الرجوع بعين ماله إذا وجده ؟ على وجهين . أحدهما : له ذلك ، للخبر . والثاني : لا فسخ له لأنه دخل على بصيرة ، أشبه من اشترى معيباً يعلم عيبه .
فصل

ومن دفع ماله إلى صغير أو مجنون أو سفيه فأتلفه ، لم يضمنه لأنه سلطه عليه برضاه علم بالحجر أو لا لتفريطه ، وأما ما أخذه بغير اختيار المالك ، كالغصب والجناية ، فعليه ضمانة لأنه لا تفريط من المالك والإتلاف يستوي فيه الأهل وغيره .
ومن أخذ من أحدهم مالاً ضمنه لتعديه بقبضه .
حتى يأخذه وليه أي ولي المحجور عليه ، لأنه هو الذي يملك قبض ماله شرعاً وحفظه .
لا إن أخذه من المحجور عليه .
ليحفظه وتلف ولم يفرط لأ نه محسن .
كمن أخذ مغصوباً ليحفظه لربه فإنه لايضمنه لأن في ذلك إعانة على رد الحق إلى مستحقه .
ومن بلغ رشداً ، أو بلغ مجنوناً ثم عقل ورشد ، انفك الحجر عنه بلا حكم حاكم ، بغير خلاف . قاله في الشرح .
ودفع إليه ماله لقوله تعالى فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم [ النساء : 6] وقسنا عليه المجنون لأنه في معناه .
لا قبل ذلك بحال أي : قبل البلوغ والعقل والرشد ، ولو صارا شيخين . قال ابن المنذر : أكثر علماء الأمصار يرون الحجر على كل مضيع لماله ، صغيراً كان أو كبيراً للآية . فالدفع بشرطين : بلوغ النكاح ، وإيناس الرشد . وإن فك عنه الحجر ، فعاود السفه أعيد عليه الحجر لما روى عروة بن الزبير ، أن عبد الله بن جعفر ابتاع بيعاً ، فقال علي : لآتين عثمان ، فلأحجرن عليك ، فأعلم ذلك ابن جعفر الزبير ، فقال : أنا شريكك في بيعتك . فأتى علي عثمان فقال : إن ابن جعفر قد ابتاع بيع كذا فاحجر عليه ، فقال الزبير : أنا شريكه ، فقال عثمان : كيف أحجر على رجل شريكه الزبير ؟! رواه الشافعي بنحوه . قال في الكافي : وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر فيكون إجماعاً . انتهى .
وبلوغ الذكر بثلاثة أشياء : إما بالإمناء يقظة أو مناماً . لا نعلم فيه خلافاً . قاله في الشرح ، لقوله تعالى : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا [ النور : 59] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم . . . الحديث ، وحديث : لا يتم بعد احتلام رواهما أبو داود .
أو بتمام خمس عشرة سنة لقول ابن عمر : عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد ، وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ، وعرضت عليه يوم الخندق ، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني متفق عليه . فلما سمعه عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله : أن لا يتعرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة سنة .
أو نبات شعر خشن حول قبله لأن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة بقتلهم وسبي ذراريهم أمر أن يكشف عن مؤتزرهم ، فمن أنبت فهو من المقاتلة ، ومن لم ينبت فهو من الذرية . وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة متفق عليه .
وبلوغ الأنثى بذلك وبالحيض قال في الشرح : والحيض بلوغ في حق الجارية . لا نعلم فيه خلافاً ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار حسنه الترمذي . وكذلك الحمل يحصل به البلوغ في حق الجارية لأن الولد من مائهما . انتهى .
والرشد : إصلاح المال وصونه عما لا فائدة فيه في قول أكثر أهل العلم لقول ابن عباس في قوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا [ النساء : 6] قال : صلاحاً في أموالهم ولا يدفع إليه ماله حتى يختبر ، لقوله تعالى : وابتلوا اليتامى [النساء : 6] وعنه : لا يدفع إلى الجارية مالها حتى تتزوج وتلد ، أو تقيم في بيت الزوج سنة ، لقول شريح : عهد إلي عمر أن لا أجيز لجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها حولاً أو تلد
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Empty
مُساهمةموضوع: رد: منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس   منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس Icon_minitimeالإثنين 4 أغسطس 2008 - 18:10

فصل

وولاية المملوك لمالكه ولو فاسقاً لأنه ماله ، ولأن العدالة ليست شرطاً لصحة تصرف الإنسان في ماله .
وولاية الصغير والبالغ بسفه أو جنون لأبيه الرشيد العدل ولو ظاهراً لكمال شفقته ولأنها ولاية ، فقدم فيها الأب كولاية النكاح .
فإن لم يكن له أب .
فوصيه لأنه نائبه وقائم مقامه ، أشبه وكيله في الحياة .
ثم الحاكم لأن الولاية انقطعت من جهة الأب فتعينت للحاكم كولاية النكاح ، لأنه ولي من لا ولي له .
فإن عدم الحاكم فأمين يقوم مقامه اختاره الشيخ تقي الدين ، وقال : في حاكم عاجز كالعدم . نقل ابن الحكم فيمن عنده مال فطالبه به الورثة ، فيخاف من أمره ترى أن يخبر الحاكم ويدفعه إليه قال : أما حكامنا اليوم هؤلاء فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم .
وشرط في الولي الرشد لأن غير الرشيد محجور عليه .
والعدالة ولو ظاهراً فلا يحتاج الحاكم إلى تعديل الأب أو وصيه في ثبوت ولايتهما .
والجد والأم وسائر العصبات ، لا ولاية لهم إلا بالوصية لقصور شفقتهم عمن تقدم . والمال محل الخيانة ، فلا يؤمنون عليه كالأجانب .
ويحرم على ولي الصغير والمجنون والسفيه أن يتصرف فى مالهم إلا بما فيه حظ ومصلحة لقوله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [الأنعام : 152] والسفيه والمجنون في معناه .
وتصرف الثلاثة أي : الصغير ، والمجنون ، والسفيه .
ببيع أوشراء أو عتق أو وقف أو إقرار غير صحيح لقوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم الآية [النساء : 5] . ولأنهم محجور عليهم لحظ أنفسهم .
لكن السفيه إن أقر بحد أي : بما يوجب الحد كالقذف والزنى .
أو بنسب أو طلاق أو قصاص صح وأخذ به في الحال لأنه غير متهم في نفسه ، والحجر إنما تعلق في ماله . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المحجور عليه على نفسه جائز إذا كان بزنى أو سرقة أو شرب خمر أو قذف أو قتل ، وأن الحدود تقام عليه ، وإن طلق نفذ في قول الأكثر . قاله في الشرح .
وإن أقر بمال أخذ به بعد فك الحجر عنه لأنه حجر عليه لحظه ، ولأن قبول إقراره يبطل معنى الحجر ، لأنه يداين الناس ويقر لهم .
فصل

وللولي مع الحاجة أن يأكل من مال موليه لقوله تعالى : ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف [النساء : 6] قالت عائشة : نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله ، إن كان فقيراً أكل منه بالمعروف أخرجاه . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني فقير وليس لي شئ ولي يتيم ، فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف رواه الخمسة ، إلا الترمذي .
الأقل من أجرة مثله أو كفايته لأنه يستحق بالعمل والحاجة جميعاً ، فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجدا فيه .
ومع عدم الحاجة يأكل ما فرضه له الحاكم قال في القواعد ، و الإنصاف : بغير خلاف .
ولزوجة ، ولكل متصرف في بيت ، أن يتصدق منه بلا إذن صاحبه بما لا يضر ، كرغيف ونحوه لحديث عائشة مرفوعاً : إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة ، كان لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها أجر ما كسًب ، وللخازن مثل ذلك ، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً متفق عليه . ولم تذكر إذناً لأن العادة السماح وطيب النفس به .
إلا أن يمنعه من ذلك .
أو يكون بخيلاً ، فيحرم لحديث : إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم . . . الحديث . وقوله : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس .
باب الوكالة

وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع ، لقوله تعالى : والعاملين عليها [ التوبة : 60] وقوله : فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة [الكهف : 19] الآية ولحديث عروة بن الجعد وغيره : ووكل النبي ، صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية في قبول نكاح أم حبيبة ، وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة .
وهي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابه كعقد بيع وهبة وإجارة ونكاح لأنه صلى الله عليه وسلم ، وكل في الشراء والنكاح ، وألحق بهما سائر العقود .
وفسخ كالخلع والإقامة .
وطلاق لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء ، فجاز في الإزالة بطريق الأولى .
ورجعة لأنه يملك بالتوكيل الأقوى : وهو إنشاء النكاح ، فالأضعف : وهو تلافيه بالرجعة أولى .
وكتابة وتدبير وصلح لأنه عقد على مال أشبه البيع .
وتفرقة صدقة ، ونذر وكفارة لأنه ، صلى الله عليه وسلم ، كان يبعث عماله لقبض الصدقات ، وتفريقها ويشهد به حديث معاذ ، وفيه فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة ، تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم .
وفعل حج وعمرة لما تقدم .
لا فيما لا تدخله النيابة كصلاة ، وصوم ، وحلف وطهارة من حدث لتعلقها ببدن من هي عليه ، لأن المقصود فعلها ببدنه ، ولا يحصل ذلك من فعل غيره ، لكن تدخل ركعتا الطواف تبعاً .
وتصح الوكالة منجزة كأنت وكيلي الآن .
ومعلقة نص عليه ، كقوله : إذا قدم الحاج فبع هذا ، وإذا دخل رمضان فافعل كذا ، وإذا طلب أهلي منك شيئاً فادفعه لهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم . . فإن قتل زيد فجعفر . . الحديث .
ومؤقتة كأنت وكيلي شهراً ، أو سنة . وتصح في إثبات الحدود واستبقائها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ، فاعترفت ، فأمر بها فرجمت متفق عليه . وتجوز في إثبات الأموال والحكومة فيها ، حاضراً كان الموكل ، أو غائباً ، لما روي أن علياً وكل عقيلاً عند أبي بكر ، وقال ، ما قضي عليه فهو علي ، وما قضي له فلي ، ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان ، وقال : إن للخصومة قحماً - أي : مهالك - وإن الشيطان يحضرها ، وإني أكره أن أحضرها نقله حرب . وهذه قضايا في مظنة الشهرة ، ولم ينكر فكان إجماعاً . قاله في الكافي ، وقال في الشرح : هو إجماع الصحابة .
وتنعقد بكل ما دل عليها من قول يدل على الإذن . نص عليه . كبع عبدي فلاناً ، أوأعتقه ، أوفوضت إليك أمره ، أو جعلتك نائباً عني في كذا .
أو فعل قال في الفروع : ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال كبيع ، وهو ظاهر كلام الشيخ يعني : الموفق ، فيمن دفع ثوبه إلى قصار ، أو خياط ، وهو أظهر كالقبول . انتهى . ويصح قبولها بكل قول ، أو فعل دل عليه فوراً ، ومتراخياً ، لأن قبول وكلائه ، عليه الصلاة والسلام ، كان بفعلهم ، وكان متراخياً عن توكيله إياهم .
وشرط تعيين الوكيل فلا يصح وكلت أحد هذين .
لا علمه بها فلو باع عبد زيد على أنه فضولي ، وبان أن زيداً كان وكله في بيعه قبل البيع ، صح اعتباراً بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف .
وتصح في بيع ماله كله ، أو ما شاء منه ، وبالمطالبة بحقوقه ، وبالإبراء منها كلها ، أوما شاء منها لأنه يعرف ماله ودينه ، فيعرف ما يبيع ويقبض ، فيقل الغرر . قاله في الكافي .
ولا يصح إن قال : وكلتك في كل قليل وكثير ، وتسمى : المفوضة ذكر الأزجي أنه اتفاق الأصحاب ، لأنه يدخل فيه كل شئ من هبة ماله ، وطلاق نسائه ، وإعتاق رقيقه ، فيعظم الغرر والضرر .
وللوكيل أن يوكل فيما يعجز عنه لدلالة الحال على الإذن فيه .
لا أن يعقد مع فقير ، أو قاطع طريق إلا بإذن موكله ، فإن فعل لم يصح ، لأنه تغرير بالمال ، لأنه لا يؤمن انفساخ العقد ، وقد تلف ما بيد الفقير ، أو تعذر حضور قاطع الطريق .
أو يبيع مؤجلاً إلا بإذن موكله ، فإن فعل لم يصح ، لأن الإطلاق ينصرف إلى الحلول .
أو بمنفعة أو عرض إلا بإذن موكله ، فإن فعل لم يصح ، لأن الإطلاق محمول على العرف ، والعرف كون الثمن من النقدين .
أو بغير نقد البلد إلا بإذن موكله فإن فعل لم يصح ، لأن عقد الوكالة لم يقتضه .
فصل

والوكالة ، والشركة ، والمضاربة ، والمساقاة ، والمزارعة ، والوديعة ، و الجعالة : عقود جائزة من الطرفين لأن غايتها من جهة الموكل ونحوه إذن ، ومن جهة الوكيل ونحوه : بذل نفع ، وكلاهما جائز .
لكل من المتعاقدين فسخها أي : هذه العقود ، كفسخ الإذن في أكل طعامه .
وتبطل كلها بموت أحدهما ، وجنونه المطبق لأنها تعتمد الحياة ، والعقل ، فإذا انتفى ذلك انتفت صحتها ، لزوال أهلية التصرف .
وبالحجر لسفه حيث اعتبر الرشد كالتصرف المالي ، فإن وكل في نحو طلاق ، ورجعة لم تبطل بالسفه .
وتبطل الوكالة بطروء فسق لموكل ، ووكيل فيما ينافيه الفسق .
كإيجاب النكاح وإثبات الحد ، واستيفائه ، لخروجه بالفسق عن أهلية ذلك التصرف .
وبفلس موكل فيما حجر عليه فيه كأعيان ماله ، لانقطاع تصرفه فيها ، بخلاف ما لو وكل في شراء في ذمته ، أو في ضمان أو اقتراض .
وبردته أي : الموكل ، لأنه ممنوع من التصرف في ماله مادام مرتداً .
وبتدبيره أي : السيد .
أو كتابته قناً وكل في عتقه لدلالته على رجوع الموكل عن الوكالة في العتق .
وبوطئه زوجة وكل في طلاقها لأنه دليل على رغبته فيها ، واختيار إمساكها ، ولذلك كان الوطء رجعة في المطلقة رجعياً ، بخلاف القبلة ، والمباشرة دون الفرج .
وبما يدل على الرجوع من أحدهما أي : الموكل والوكيل ، كما تقدم في الموكل . ومن صور دلالة رجوع الوكيل ما إذا قبل الوكالة في عتق عبد من سيده بعد أن كان وكله آخر في شرائه منه .
وينعزل الوكيل بموت موكله لما تقدم ، ولأنه فرع ، فيزول بزوال أصله .
وبعزله له ولو لم يعلم لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه ، فصح بغير علمه كالطلاق .
ويكون ما بيده بعد العزل أمانة فلا يضمن إلا إن تعدى ، أو فرط كسائر الأمانات ، ويضمن ما تصرف فيه على رواية : أنه ينعزل قبل علمه . واختار الشيخ تقي الدين : لا يضمن مطلقاً . ذكره في الإنصاف .
فصل

وإن باع الوكيل بأنقص عن ثمن المثل أو عن ما قدره له موكله ، أو اشترى بأزيد من ثمن المثل .
أو بأكثر مما قدره له صح البيع والشراء . نص عليه ، لأن من صح منه ذلك بثمن مثله صح بغيره ، ولأن الضرر يزول بالتضمين .
وضمن في البيع كل النقص ، وفي الشراء كل الزائد لتفريطه بترك الاحتياط ، وطلب الأحظ لموكله . قال في الكافي : ولا عبرة بما لا يتغابن الناس به ، كدرهم في عشرة ، لأنه لا يمكن التحرز منه . انتهى .
وبعه لزيد ، فباعه لغيره لم يصح البيع . قال في المغني : بغير خلاف علمناه . سواء قدر له الثمن أم لم يقدره ، لأنه قد يقصد نفعه دون غيره ، أو نفع المبيع بإيصاله إليه .
ومن أمر بدفع شئ إلى معين ليصنعه ، فدفع ونسيه ، لم يضمن لأنه إنما فعل ما أمر به ، ولم يتعد ولم يفرط .
وإن أطلق المالك بأن قال : ادفعه إلى من يصنعه .
فدفعه إلى من لا يعرفه ضمن لأنه مفرط .
والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط بجعل ، وبغير جعل ، لأنه نائب المالك فى اليد ، والتصرف ، فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك ، كالوديعة .
ويصدق بيمينه في التلف ، وأنه لم يفرط لأن الأصل براءة ذمته ولا يكلف بينةً ، لأنه مما تتعذر إقامة البينة عليه ، ولئلا يمتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها ، لكن إن ادعى التلف بأمر ظاهر ، كحريق عام ونهب جيش كلف إقامة البينة عليه ، ثم يقبل قوله فيه ، ويقبل قول وكيل : إنه - أي : موكله - .
أذن له في البيع مؤجلاً ، أو بغير نقد البلد نص عليه في المضارب والوكيل في معناه ، لأنه أمين في التصرف ، فكان القول قوله في صفته .
وإن ادعى الرد لورثة الموكل مطلقاً أي : بجعل وبغير جعل لم يقبل قوله ، لأنهم لم يأتمنوه .
أوله أي : ادعى الرد للموكل .
وكان بجعل لم يقبل قوله في الرد ، لأن في قبضه نفعاً لنفسه أشبه المستعير . ويقبل قوله في الرد إلى الموكل إن كان متطوعاً ، لأنه قبض المال لنفع مالكه كالمودع ، وتقدم في الرهن قاعدة ذلك ، ويجوز التوكيل بجعل ، لأنه تصرف لغيره لا يلزمه ، فجاز أخذ العوض عنه ، كرد الآبق ، وإن قال : بع هذا بعشرة ، فما زاد فهو لك ، صح البيع ، وله الزيادة . نص عليه ، فقال : هل هذا إلا كالمضاربة ؟ . وهو قول إسحاق ، وغيره لأن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأساً قال في الشرح : ولا يعرف له مخالف .
ومن عليه حق ، فادعى إنسان أنه وكيل ربه في قبضه ، فصدقه لم يلزمه دفعه إليه لأنه لايبرأ به لجواز إنكار رب الحق ، وإن كذبه لم يستحلف ، لعدم الفائدة ، إذ لا يقضى عليه بالنكول .
وإن ادعى موته أي : موت رب الحق .
وأنه وارثه لزمه دفعه أي : الحق لمدعي إرثه مع تصديقه له ، لإقراره له بالحق ، وأنه يبرأ بالدفع له ، أشبه المورث .
وإن كذبه حلف أنه لا يعلم أنه وارثه أو لا يعلم موت رب الحق ، لأن من لزمه الدفع مع الإقرار ، لزمه اليمين مع الإنكار .
ولم يدفعه إليه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
 
منار السبيل في شرح الدليل الجزءالسادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حياة المسلم :: بقلم الدعاه :: العقيدة والفقه الاسلامى-
انتقل الى: