حياة المسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حياة المسلم

يختص بالدين الاسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ابا ذر الغفارى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 638
العمر : 39
الموقع : http://alrhma.4pnc.com/
المزاج : لا يتغير
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

ابا ذر الغفارى Empty
مُساهمةموضوع: ابا ذر الغفارى   ابا ذر الغفارى Icon_minitimeالسبت 30 أغسطس 2008 - 4:50

أقبل على مكة نشوان مغتبطا..

صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم, بيد أن الغاية التي يسعى إليها, أنسته جراحه, وأفاضت على روحه الحبور والبشور.

ودخلها متنكرا, كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونها ليطوّفوا بآلهة الكعبة العظام.. أو كأنه عابر سبيل ضل طريقه, أو طال به السفر والارتحال فأوى إليها يستريح ويتزوّد.

فلو علم أهل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى الله عليه وسلم, ويستمع إليه لفتكوا به.

وهو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به, ولكن بعد أن يقابل الرجل إلي قطع الفيافي ليراه, وبعد أن يؤمن به, إن اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..

ولقد مضى يتسمّع الأنباء من بعيد, وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منهم في حذر, حتى جمع من نثارات الحديث هنا وهناك ما دله على محمد, وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.

في صبيحة يوم ذهب إلى هناك, فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً وحده, فاقترب منه وقال: نعمت صباحا يا أخا العرب..

فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا أخاه.

قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..

فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هو بشعر فأنشدك, ولكنه قرآن كريم.

قال أبو ذر: اقرأ عليّ..

فقرأ عليه الرسول, وأبو ذر يصغي.. ولم يمض من الوقت غير قليل حتى هتف أبو ذر:

"أشهد أن لا اله إلا الله.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"!

وسأله النبي: ممن أنت يا أخا العرب..؟

فأجابه أبو ذر: من غفار..

وتألقت ابتسامة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم, واكتسى وجهه الدهشة والعجب..

وضحك أبو ذر كذلك, فهو يعرف سر العجب الذي كسا وجه الرسول عليه السلام حين علم أن هذا الذي يجهر بالإسلام أمامه إنما هو رجل من غفار..!!

فغفار هذه قبيلة لا يدرك لها شأو في قطع الطريق..!!

وأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع.. إنهم حلفاء الليل والظلام, والويل لمن يسلمه الليل إلى واحد من قبيلة غفار.

أفيجيء منهم اليوم, والإسلام لا يزال دينا غصّا مستخفياَ, واحد ليسلم..؟!



يقول أبو ذر وهو يروي القصة بنفسه:

".. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره ويصوّبه تعجبا, لما كان من غفار, ثم قال: إن الله يهدي من يشاء.

ولقد كان أبو ذر رضي الله عنه أحد الذين شاء لهم الهدى, وأراد بهم الخير.

وإنه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين شاء الله لهم الهدى, وأراد بهم الخير.

وانه لذو بصر بالحق, فقد روي عنه أنه أحد الذين كانوا يتألهون في الجاهلية, أي يتمرّدون على عبادة الأصنام , ويذهبون إلى الإيمان باله خالق عظيم. وهكذا ما كاد يسمع بظهور نبي يسفّه عبادة الأصنام وعبّادها, ويدعو إلى عبادة الله الواحد القهار, حتى حث إليه الخطى, وشدّ الرحال.



أسلم أبو ذر من فوره..

وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس..

إذن, هو قد أسلم في الأيام الأولى, بل الساعات الأولىللإسلام, وكان إسلامه مبكرا..

وحين أسلم كلن الرسول يهمس بالدعوة همسا.. يهمس بها إلى نفسه, وإلى الخمسة الذين آمنوا معه, ولم يكن أمام أبي ذر إلا أن يحمل إيمانه بين جنبيه, ويتسلل به مغادراً مكة, وعائدا إلى قومه...

ولكن أبا ذر, جندب بن جنادة, يحمل طبيعة فوارة جيّاشة.

لقد خلق ليتمرّد على الباطل أنى يكون.. وها هو ذا يرى الباطل بعينيه.. حجارة مرصوصة, ميلاد عابديها أقدم من ميلادها, تنحني أمامها الجباه والعقول, ويناديها الناس: لبيك.. لبيك..!!

وصحيح أنه رأى الرسول يؤثر لهمس في أيامه تلك.. ولكن لا بدّ من صيحة يصيحها هذا الثائر الجليل قبل أن يرحل.

لقد توجه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فور إسلامه بهذا السؤال:

يا رسول الله, بم تأمرني..؟

فأجابه الرسول: ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري..

فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد..!!

ألم أقل لكم..؟؟

تلك طبيعة متمرّدة جيّاشة, أفي اللحظة التي يكشف فيها أبو ذر عالما جديدا بأسره يتمثل في الرسول الذي آمن به, وفي الدعوة التي سمع بتباشيرها على لسانه.. أفي هذه اللحظة يراد له أن يرجع إلى أهله صامتا.؟

هذا أمر فوق طاقته..

هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته:

[أشهد أن لا اله إلا الله.. وأشهد أن محمدا رسول الله]...



كانت هذه الصيحة أول صيحة بالإسلام تحدّت كبرياء قريش وقرعت أسماعها.. صاحها رجل غريب ليس له في مكّة حسب ولا نسب ولا حمى..

ولقد لقي ما لم يكن يغيب عن فطنته أنه ملاقيه.. فقد أحاط به المشركون وضربوه حتى صرعوه..

وترامى النبأ إلى العباس عم النبي, فجاء يسعى, وما استطاع أن ينقذه من بين أنيابهم إلا بالحيلة الذكية, قال له:

"يا معشر قريش, أنتم تجار, وطريقكم على غفار,, وهذا رجل من رجالها, إن يحرّض قومه عليكم, يقطعوا على قوافلكم الطريق".. فثابوا إلى رشدهم وتركوه.

ولكن أبا ذر, وقد ذاق حلاوة الأذى في سبيل الله, لا يريد أن يغادر مكة حتى يظفر من طيباته بمزيد...!!

وهكذا لا يكاد في اليوم الثاني وربما في نفس اليوم, يلقى امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف, ونائلة) ودعوانهما, حتى يقف عليهما ويسفه الصنمين تسفيها مهينا.. فتصرخ المرأتان, ويهرول الرجال كالجراد, ثم لا يفتون يضربونه حتى يفقد وعيه..

وحين يفيق يصرخ مرة أخرى بأنه " يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله". ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد, وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل. بيد أن وقته لم يأت بعد, فيعيد عليه أمره بالعودة إلى قومه, حتى إذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلوه..



ويعود أبو ذر إلى عشيرته وقومه, فيحدثهم عن النبي الذي ظهر يدعو إلى عبادة الله وحده ويهدي لمكارم الأخلاق, ويدخل قومه في الإسلام, واحدا اثر واحد.. ولا يكتفي بقبيلته غفار, بل ينتقل إلى قبيلة أسلم فيوقد فيها مصابيحه..!!

وتتابع الأيام رحلتها في موكب الزمن, ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, ويستقر بها والمسلمون معه.

وذات يوم تستقبل مشارفها صفوفا طويلة من المشاة والركبان, أثارت أقدامهم النقع.. ولولا تكبيراتهم الصادعة, لحبسهم الرائي جيشا مغيرا من جيوش الشرك..

اقترب الموكب اللجب.. ودخل المدينة.. ويمم وجهه شطر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه..

لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم, جاء بهما أبو ذر مسلمين جميعا رجإلا ونساء. شيوخا وشبابا, وأطفالا..!!

وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودهشة..

فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن إسلامه وإيمانه, وقال معبّرا عن دهشته:

"إن الله يهدي من يشاء"..!!

أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعها تجيئه مسلمة. وقد قطعت في الإسلام بضع سنين منذ هداها الله على يد أبي ذر, وتجيء معها قبيلة أسلم..

إن عمالقة السطور وحلفاء الشيطان, قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.

أليس الله يهدي من يشاء حقا..؟؟

لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوههم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..

ونظر إلى قبيلة غفار وقال:

"غفار غفر الله لها".

ثم إلى قبيلة أسلم فقال:

"وأسلم سالمها الله"..

وأبو ذر هذا الداعية الرائع.. القوي الشكيمة, العزيز المنال.. إلا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام بتحية..؟؟

أجل.. ولسوف يكون جزاؤه موفورا, وتحيته مباركة..

ولسوف يحمل صدره, ويحمل تاريخه, أرفع الأوسمة وأكثرها جلالا وعزة..

ولسوف تفنى القرون والأجيال, والناس يرددون رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي ذر:

" ما أقلّت الغبراء, ولا أظلّت الصحراء أصدق لهجة من أبي ذر"..!!

ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد, وقدرته الباهرة على مواجهة الباطل.. بيد أن وقته لم يأت بعد, فيعيد عليه أمره بالعودة إلى قومه, حتى إذا سمع بظهور الدين عاد وأدلى في مجرى الأحداث دلّوه..



أصدق لهجة في أبي ذر..؟

لقد قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام مستقبل صاحبه, ولخص حياته كلها في هذه الكلمات..

فالصدق الجسور, هو جوهر حياة أبي ذر كلها..

صدق باطنه, وصدق ظاهره..

صدق عقيدته وصدق لهجته..

ولسوف يحيا صادقا.. لا يغالط نفسه, ولا يغالط غيره, ولا يسمح لأحد أن يغالطه..

ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء.. فالصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر..

إنما الصدق جهر وعلن.. جهر بالحق وتحد للباطل..تأييد للصواب ودحض للخطأ..

الصدق ولاء رشيد للحق, وتعبير جريء عنه, وسير حثيث معه..



ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ببصيرته الثاقبة عبر الغيب القصيّ والمجهول البعيد كل المتاعب التي سيفيئها على أبي ذر صدقه وصلابته, فكان يأمره دائما أن يجعل الأناة والصبر نهجه وسبيله.

وألقى الرسول يوما هذا السؤال:

" يا أبا ذر كيف أنت إذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟

فأجاب قائلا:

"إذن والذي بعثك بالحق, لأضربن بسيفي".!!

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:

"أفلا أدلك على خير من ذلك..؟

اصبر حتى تلقاني".

ترى لماذا سأله الرسول هذا السؤال بالذات..؟؟

الأمراء .. والمال..؟؟



تلك قضية أبي ذر التي سيهبها حياته, وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..

ولقد عرفها رسول الله فألقى عليه السؤال, ليزوده هذه النصيحة الثمينة:"اصبر حتى تلقاني"..

ولسوف يحفظ أبوذر وصية معلمه, فلن يحمل السيف الذي توّد به الأمراء الذين يثرون من مال الأمة.. ولكنه أيضا لن يسكت عنهم لحطه من نهار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aslm.ahlamontada.net
 
ابا ذر الغفارى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حياة المسلم :: صفحات مشرقه :: صفحات مشرقه من حياة الصحابه-
انتقل الى: